وكان سنقر المذكور من مساوىء الدّهر، وعنده طيش وخفة مع ظلم وجبروت، وما سيأتى من أخباره عند عمارته لمراكب الغزاة فأعظم.
ثم في يوم الأحد هذا نودى بالقاهرة من قبل السلطان بأن يكون سعر الدّرهم من الفضّة الشاميّة المقدم ذكرها التي داخلها الغش ثمانية عشر درهما نقرة «١» ، فقامت قيامة العامّة من ذلك خوفا من الخسارة، وأكثروا من الوقيعة بالسلطان وأرباب دولته، ولا سيما في الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص، فأنهم نسبوا هذا كله إليه- رحمه الله.
وكان السلطان خلع على ولده المقام الشهابى أحمد باستقراره أمير حاجّ المحمل فلما نزل ابن السلطان وعليه الخلعة من القلعة إلى داره- وهى قصر بكتمر الساقى تجاه الكبش- وبين يديه جميع أعيان الدولة استغاثت إليه العامة بلسان واحد، وقالوا:«نخسر بهذه المناداة ثلث أموالنا» ، وسألوه في إبطال ذلك، فوعدهم بإبطاله، وأرسل إلى والده يسأله في إبطال ما نودى به، فأجابه السلطان، ونودى في الحال مناداة ثانية بإبطال ما نودى به.
قلت: وهذه فعلة العامة الثانية من طلبهم عدم المناداة بإبطال هذه الفضّة المغشوشة خوفا من الخسارة، فاحتاجوا بعد ذلك إلى المناداة، وخسروا أكثر مما كانوا يخسرونه عندما غلت الأسعار بسبب هذه الفضّة، ووصل صرف الدينار إلى أربعمائة درهم كما نذكره إن شاء الله تعالى.
وفي يوم السبت أول شهر ربيع الآخر نودى في المماليك السلطانية المعينين إلى تجريدة البلاد الشامية لقتال ابن قرمان- قبل تاريخه- بأنّ النفقة فيهم في يوم الخميس الآتى، فلما كان يوم الخميس سادس ربيع الآخر المذكور جلس السلطان بالحوش السلطانى، وشرع في تفرقة النّفقة على المماليك المذكورين، لكل واحد منهم مائة دينار،