ثم بعد ذلك بأيام أشيع أن الذي كان يفعل ذلك- أعنى يلقى النار في الأماكن- هم جماعة من القرمانيّة ممن أحرق العسكر المصرى أمكنّهم لما توجهوا إلى تجريدة ابن قرمان، وشاع القول في أفواه الناس.
ثم ظهر للناس بعد ذلك أن الذي صار يحرق من الأمكنة بالقاهرة وغيرها بعد حريق بولاق إنما هو من فعل المماليك الجلبان؛ لينهبوا ما في بيوت الناس عندما تحرق، فإنه تداول إحراق البيوت أشهرا- والله أعلم «١» .
وقد افتقر من هذا الحريق خلائق كثيرة، وعلى الله العوض.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر رجب المذكور وصل الأمير بردبك الدّوادار الثانى من الشّام.
وفيه أيضا نودى بزينة القاهرة لدوران المحمل، ونهى السلطان المماليك الأجلاب عن أن «٢» يعمل أحد منهم عفاريت المحمل.
وسببه أنهم فعلوا ذلك في السنة الخالية وأفحشوا في الطلب من الناس، وصاروا يدخلون إلى دور الأمراء والأعيان، ويكلفونهم الكلفة الزائدة، وما كفاهم ذلك حتى صار العفريت منهم إذا مرّ بالشارع على فرسه بتلك الهيئة المزعجة يجبى الدكاكين، وإذا صدف رئيسا من بياض الناس أمسكه وأخذ منه ما شاء غصبا، وإن لم يعطه أخرق به ورماه عن فرسه، حتى صار الرّجل إذا رأى واحدا من هؤلاء أسرع في مشيه بالدخول في زقاق من الأزقة، أو بيت من البيوت، فضرّ ذلك بحال الناس كثيرا، وتركوا فرجة المحمل.