بل صاروا يترقّبون فراغ المحمل، ليستريحوا من هذه الأنواع القبيحة.
فلما جاء أوان المحمل في هذه السّنة دخل على قلوب الناس الرّجيف بسبب ما وقع من المماليك في العام الماضى، فكلّم أعيان الدّولة السلطان في إبطال المحمل، أو نهى الجلبان عن تلك الفعلة القبيحة، فلهذا رسم السلطان في هذه السنة بإبطال عفاريت المحمل بالكليّة.
ثم في يوم الاثنين سادس عشر شهر رجب هذا أدير المحمل على العادة في كل سنة، ولم يقع من الأجلاب شىء مما وقع منهم في السنة الماضية.
ثم تداول الحريق بعد ذلك بخط بولاق والقاهرة، وقوى عند الناس أن الذي يفعل ذلك إنما هو من تركمان ابن قرمان.
ثم وقع الحريق أيضا في شعبان بأماكن كثيرة، وداخل الناس جميعا الرّعب من هذا الأمر.
فلما كان يوم السبت ثانى عشر شعبان نودى بشوارع القاهرة ومصر بتوجّه كل غريب إلى أهله، وكذلك في يوم الأحد، فلم يخرج أحد لعدم التفات السلطان لإخراجهم.
ثم وقع حريق آخر وآخر، فنودى في آخر شعبان بخروج الغرباء بسبب الحريق من الدّيار المصرية، فلم يخرج أحد.
وتداول وقوع الحريق بالقاهرة في غير موضع.
ثم في أول شهر رمضان مرض السلطان مرضا لزم منه الفراش، وأرجف بموته، وطلع إليه أكابر الأمراء، فتكلم معهم في العهد لولده أحمد بالسلطنة من غير تصريح، بل في نوع النكر «١» من ولده، ويقول ما معناه: إن ولده ليس كمن مضى من أولاد الملوك الصغار، وإن هذا رجل كامل يعرف ما يراد منه، وما أشبه هذا المعنى، فصار هو