يتكلم وجميع الأمراء سكوت، لم يشاركه أحد فيما هو فيه إلى أن سكت، وانفضّ المجلس، ثم عوفى بعد ذلك، ودقّت البشائر بقلعة الجبل وغيرها أياما.
ثم في يوم الاثنين سادس شهر رمضان أخرقت المماليك الأجلاب بالأمير قانم التاجر المؤيّدى «١» أحد مقدمى الألوف، وهو نازل من الخدمة بعير قماش الموكب، وضربه بعضهم على رأسه وظهره، جاءوا بجموعهم إلى داره من الغد ليهجموا عليه، فمنعهم مماليكه من الدخول عليه، فوقع القتال بينهم، وجرح من الفريقين جماعة، فأخذ قانم المذكور يتلافى أمرهم بكل ما تصل القدرة إليه، فلم يفد ذلك إلا أنه صار يركب وحده من غير مماليك، ويطلع الخدمة وينزل على تلك الهيئة، واستمرّ على ذلك نحو السنتين «٢» .
ثم في هذه الأيام أيضا تداول الحريق بالقاهرة وظواهرها، وضرّ ذلك كثيرا بحال الناس، وقد قوى عندهم أن ذلك من فعل القرمانية والمماليك الأجلاب، يعنون بالقرمانية والأجلاب أن القرمانية إذا فعلوا ذلك مرة ويقع الحريق، فتنهب المماليك الأقمشة وغيرها لما يطلعون الدور المحروقة للطفى، فلما حسن ببال المماليك ذلك صاروا يفعلون ذلك.
قلت: ولا أستبعد أنا ذلك لقلة دينهم وعظم جبروتهم، عليهم من الله ما يستحقونه من العذاب والنكال- انتهى.
ثم استهل شوال، أوّله الجمعة، فوقع فيه خطبتان، وتشاءم الناس بذلك على الملك، فلم يقع إلا الخير والسلامة، وكذبت العادة.
ثم في يوم الجمعة خامس عشره ورد الخبر على السلطان بموت چاك الفرنجى صاحب قبرس، وأنهم ملّكوا عليهم ابنته مع وجود ولد ذكر، لأمر أجاز تقديم البنت