الدوادار الثانى، لكونه صهره زوج أخته، مملوك أبيه، بل قيل إن تقريبه لبردبك أيضا ما كان على جليته، فعلى هذا ضعف الأمر من كل جهة، ونفرض أنّ أمر بردبك كان على حقيقة، فما عساه كان يفعل، وهو أيضا أجنبىّ عن معرفة ما قلناه؟ فإنه ما ربّى إلا عند أستاذه الأشرف إينال وهو أمير، فلا يعرف أحوال المملكة إلا بعد سلطنة أستاذه أيام الأمن والسعادة- انتهى.
وفي يوم الخميس تاسع شهر رمضان خلع السلطان الملك المؤيد على شرف الدين البقرى باستقراره ناظر الإصطبلات السلطانية، بعد عزل محمود بن الديرى.
وفي يوم الجمعة عاشره أخذ قاع النيل، فجاءت القاعدة- أعنى الماء القديم- ستة أذرع ونصفا.
وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان المذكور خسف جميع جرم القمر، وغاب في الخسف تسعين درجة، وصارت النجوم في السماء كليلة تسع وعشرين الشهر، ولعلّ ذلك يكون نادرا جدا، فإنى لم أر في عمرى مثل هذا الخسف.
هذا وأمر الملك المؤيد آخذ في اضطراب من يوم عيّن تجريدة إلى البحيرة، ولم تخرج التجريدة وخالفه من كتب إليها من المماليك السلطانية، فإنه لما عين التجريدة إلى البحيرة لم يعين من المماليك السلطانية أحدا من مماليك أبيه الأجلاب، فعظم ذلك على من عين من غيرهم، وعلى من لم يعيّن أيضا، لمعرفتهم أنه كلموه في أمر مماليك أبيه واستمالوه لهم؛ فإنه استفتح سلطنته بإبعادهم ومقتهم وإرداعهم، فأحبه كل أحد، فلما فطنوا الآن بميله إليهم، نفرت القلوب منه، وخافوا من أفعال الأجلاب القبيحة التي فعلوها في أيام أبيه أن تعود، فصممت المماليك المعينة إلى البحيرة في عدم الخروج إلا إن عين معهم جماعة من أجلاب أبيه، وساعدهم في ذلك المماليك السلطانية من كل طائفة؛ مخافة من تقريب الأجلاب، فأساء المؤيد التدبير من أنه لم يبت أمرا لا بقوة ولا بلين، بل سكت وسمع قول من أملاه المفسود من قوله: إذا أرسلت مماليك أبيك من يبقى حولك،