للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما تكامل الجمع في بيت الأمير الكبير خشقدم الناصرى المؤيدى، ومتكلم الأشرفية جانبك المشدّ، وجانبك الظريف الخازندار، ومن معهم من خچداشيتهم الأعيان؛ ومتكلم الظاهرية الأمير جانبك نائب جدّة أحد مقدّمى الألوف، وأعيان خچداشيته، مثل: الأمير أزبك من ططخ الظاهرى، والأمير بردبك البجمقدار ثانى رأس نوبة جدّة، وقد وافقه الأشرفيّة، وهم يظنون أن الجمع ما هو إلا لسلطنة الأمير جانم نائب الشام؛ لأنهم كانوا اتفقوا على ذلك حسبما تقدم ذكره، وهو أن الظاهريّة كانوا إذا شرعوا في الكلام مع الأشرفيّة في معنى الركوب، يقولون بشرط أن لا يكون السلطان منا ولا منكم، وإنما يكون من غير الطائفتين، فيقع بذلك الخلف بينهم، ويتفرقون «١» بغير طائل، إلى أن استرابت الظاهريّة من الملك المؤيّد أحمد هذا، وعظم تخوّفهم منه، فوافقوهم على سلطنة جانم لما جاء ولده يحيى كما تقدم ذكره.

ثم وقع هذا الأمر بغتة، وعلم جانبك نائب جدة أن الأمر خرج عن جانم لغيابه، ولا بد من سلطنة غيره لأن الأمر ما فيه مهلة، فلم يبد للأشرفية شيئا من ذلك، وأخذ فيما هو بصدده إلى أن يتمّ الأمر لغير جانم، ثم يفعل له ما بدا له، وكذا وقع حسبما يأتى ذكره في مجىء جانم، وفي سلطنة الملك الظاهر خشقدم.

هذا وقد جلس جميع الأمراء بمقعد الأمير الكبير خشقدم، فعندما تكامل جلوسهم قام الأمير جانبك نائب جدّة إلى مكان بالبيت المذكور، ومعه الأمير جانبك الأشرفى المشدّ، والأمير جانبك الأشرفى الظريف الخازندار، والأمير أزبك من ططخ الظاهرى، والأمير بردبك البجمقدار الظاهرى، وجماعة أخر من أعيان الطائفتين، وتكلموا فيمن يولونه السلطنة، وغرض جانبك نائب جدّة في سلطنة الأتابك خشقدم، لا في سلطنة جانم نائب الشام، غير أنه لا يسعه الآن إظهار ما في ضميره، خوفا من نفرة الأشرفية، وقال لهم ما معناه: «نحن قد كتبنا للأمير جانم بالحضور، وبايعناه بالسّلطنة، وأنتم تعلمون ذلك عن يقين، وقد دهمنا هذا الأمر على حين غفلة،