لا غير، على أن الملك الظاهر خشقدم لما تسلطن أبادهم، وشوّش عليهم بالمسك وإخراج أرزاقهم أكثر مما عمله مع الذين كانوا عند المؤيد- فلا شلّت يداه- وبقى الملك المؤيد كلما فحص عن أمر الفتنة لا يأتيه «١» أحد بخبر شاف، بل صارت الأخبار عنده مضطربة، وآراؤه مفلوكة، وهو في عدم حركة، ويظهر عدم الاكتراث بأمر هذا الجمع، إلى أن تزايد الأمر، وخرج عن الحد، وصار اللعب جدّا، فعند ذلك تأهّب من كان عنده من المماليك، وقام الملك المؤيّد من قاعة الدهيشة، ومضى إلى القصر السلطانى المطلّ على الرّميلة «٢» ، ثم نزل بمن معه إلى باب السلسلة، وقبل أن يصل إلى الإسطبل جاءه الخبر بأن القوم أخذوا باب السلسلة، وملكوا الإسطبل السلطانى، وأخذوا الأمير برسباى البجاسى الأمير آخور الكبير أسيرا إلى الأمير الكبير خشقدم، وكان أخذ باب السلسلة مكيدة من برسباى المذكور، فلما سمعت الأجلاب أخذ باب السلسلة نزل طائفة منهم وصدموا من بها من عساكر الأتابك خشقدم صدمة هزموهم فيها، واستولوا على باب السلسلة ثانيا، وهو بلا أمير آخور.
وجلس السلطان الملك المؤيد بمقعد الإسطبل المطل على الرّميلة، وكان عدم نزول المؤيّد إلى الإسطبل بسرعة له أسباب، منها: أنه كان مطمئن الخاطر على باب السلسلة؛ لكون الأمير آخور برسباى ليس هو من غرض أحد من الطائفتين، وأيضا كونه صهره زوج بنت أخته من الأمير بردبك الدّوادار الثانى، وقد صار بردبك من الممسوكين عند الأتابك خشقدم، وأيضا أن والده إينال هو الذي رقّاه وخوّله في النعم، فلم يلتفت برسباى لشىء من ذلك، وأنشد قول من قال:[الوافر]
لعمرك والأمور لها دواع ... لقد أبعدت ياعتب الفرارا
ومنها: أنه صار ينتظر من يأتيه من أصحابه وحواشيه وخچداشية «٣» أبيه ومماليكه،