فلما عاد السلطان من الصلاة إلى الحريم سقط مغشيا عليه لشدة ما ناله من التعب وعظم التجلد، وهذه أيضا آخر جمعة صلاها، ولم يخرج بعدها من باب الحريم لا لصلاة ولا إلى غيرها، وصارت الخدمة بعد ذلك في الحريم بقاعة البيسرية «١»
ثم أصبح السلطان في يوم السبت ثانى عشره رسم بالمناداة بشوارع القاهرة بأن أحدا لا يخرج بعد صلاة المغرب من بيته ولا يفتح سوقىّ دكانه، وهدّد من خالف ذلك، فلم يلتفت أحد إلى هذه المناداة، وعلم أن المقصود من هذه المناداة عدم خروج المماليك فى الليل، وتوجه بعضهم لبعض لإثارة فتنة.
وفي هذه الأيام ورد الخبر من دمشق بأن الأمير بردبك نائب الشام خرج من دمشق بعساكرها في آخر المحرم إلى جهة حلب لمعاونة نائب حلب على قتال شاه سوار.
ثم في يوم الاثنين رابع عشر صفر عمل السلطان الخدمة بقاعة البيسريّة من الحريم السلطانى، لضعفه عن الخروج إلى قاعة الدهيشة، وحضرت الأمراء المقدمون وغيرهم الخدمة السلطانية بالبيسرية، ولكن بغير قماش، وعلّم السلطان على عدة مناشير ومراسيم دون العشرين علامة، ولكن ظهر عليه المرض، لكنه يتجلد ويقوم لمن دخل إليه من القضاة والعلماء.
فلما كان يوم الجمعة ثامن عشره لم يشهد «٢» فيه صلاة الجمعة وصلّت الأمراء بجامع القلعة على العادة، وبعد أن فرغت الصلاة دخلوا عليه وسلّموا عليه، واستوحشوا منه، وجلسوا عنده إلى أن أسقاهم مشروب السّكر، وانصرفوا.
ثم في آخر يوم الاثنين حادى عشرينه وجد السلطان في نفسه نشاطا، فقام وتمشّى