خطوات فتباشر الناس بعافيته، كل هذا وهو مستمرّ في أول النهار وفي آخره يعلّم على المناشير والمراسيم، لكن بحسب الحال، تارة كثيرا، وتارة قليلا.
فلما كان يوم الجمعة خامس عشرينه لم يحضر السلطان فيه الصلاة أيضا لثقله في المرض، ودخلوا إليه الأمراء بعض صلاة الجمعة، وجلسوا عنده، وفعل معهم كفعله فى الجمعة الماضية.
واستهل شهر ربيع الأوّل يوم الخميس والسلطان ملازم للفراش، والناس في أمر مريج من توقف الأحوال، لا سيما أرباب الحوائج الواردون من الأقطار، هذا وجميع نوّاب البلاد الشاميّة قد خرجوا من أعمالهم إلى البلاد الحلبية، لقتال شاه سوار ابن دلغادر، ما خلاجكم نائب صفد، ونائب غزّة قد خرج أيضا إلى جهة العقبة لقتال مبارك شيخ عرب بنى عقبة، فبهذا المقتضى خلا الجو للمفسدين وقطّاع الطريق وغيرهم بالدرب الشامى والمصرى، ومع هذا فالفتن لم تزل قائمة بأسفل مصر الشرقية والغربية، وأيضا بأعلى مصر، الصعيد الأدنى والأعلى، وتزايد ذلك بطول مرض السلطان.
وبينما الناس في ذلك ورد الخبر من يشبك من مهدى الظاهرى الكاشف بالصعيد أن يونس بن عمر الهوّارى خرج عن طاعة السلطان، وقاتل يشبك المذكور، وقتل من عسكره عدّة كبيرة وانكسر يشبك منه بعد أن جرح في بدنه، ثم أنهى يشبك أنه يريد ولاية سليمان بن الهوّارى عوضا عن ابن عمه يونس، وأنه يريد نجدة كبيرة من الديار المصرية، فرسم السلطان في الحال بولاية سليمان بن عمر، وتوجّه إليه بالخلعة قجماس الظاهرى، ورسم السلطان بتعيين تجريدة إلى بلاد الصعيد.
فلما كان يوم السبت ثالثه عيّن السلطان التجريدة المذكورة إلى بلاد الصعيد، وعليها الأمير قرقماس الجلب الأشرفى أمير سلاح، ويشبك من سلمان شاه الفقيه الدّوادار الكبير، ومن أمراء العشرات خمسة نفر: قلمطاى الإسحاقى، وأرغون شاه أستادار الصحبة، ويشبك الإسحاقى، وأيدكى، ويشبك الأشقر، والخمسة أشرفية،