للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشاع هذا عنى، يعنى بذلك الأشرفية الكبار والأشرفية الصغار، قلت: قد عرّفت الأشرفية الكبار والأشرفية الصغار وأمرهما وما وقع في مرض السلطان من أوّله إلى آخره فى تاريخنا «الحوادث» ، وليس ما نذكر هنا إلا علم خبر لا غير- انتهى.

ثم طلع القاضى كاتب السّرّ بعد ظهر يوم الأحد المذكور وأحضر آلة العلامة، فلم يطق السلطان أن يعلّم شيئا، وقيل: إنه علّم على أربعة مناشير، وقيل غير ذلك، وقيل إنه لم يطق الجلوس إلا بشدّة، هذا مع التجلد الذي لا مزيد عليه، وكان هذا دأبه من أوّل مرضه إلى أن مات- التجلد وعدم إظهار العجز- ولله دره ما كان أجلده.

وبات السلطان في تلك الليلة على حاله، والناس في أمره على أقوال كثيرة، هذا وهو يستحث على سفر الأمراء المعينين إلى الصعيد، والقصاد منه ترد إليهم، وهم يعتذرون عن السفر بعدم حضور من عيّن معهم من المماليك السلطانية، فيأمر بالمناداة بسفرهم، فلم يخرج أحد.

فلما كان صبيحة يوم الثلاثاء سادسة طلع الأمير الكبير يلباى إلى السلطان ومعه خچداشه قانى بك المحمودى، وجانبك كوهيّة، والثلاثة أمراء ألوف مؤيديّة، فلما دخلوا على السلطان لم ينهض إليهم للجلوس، بل استمر على جنبه؛ لشدة مرضه، وشكا إليهم ما به، فتألموا لذلك ودعوا له، ثم أمر السلطان وهو على تلك الحالة أن ينادى بسفر العسكر إلى الصعيد، ثم خلع على يوسف بن فطيس أستادار السلطان بدمشق بمشيخة نابلس، وخرج الناس من عند السلطان، ولم يعلّم شيئا، وهذا أوّل يوم منع السلطان فيه العلامة من يوم مرض إلى هذا اليوم.

وأصبح يوم الخميس ثامنه وقد اشتدّ به المرض، ويئس الناس منه، وكذلك يوم الجمعة، ولكن عقله واع، ولسانه طلق، وكلامه كلام الأصحاء.

وأصبح يوم السبت عاشر شهر ربيع الأول وهو في السياق، فلما كان ضحوة النهار المذكور حدثت أمور ذكرناها في تاريخنا «الحوادث» ، واجتمع الأمراء الأكابر بمقعد الإسطبل السلطانى عند الأمير آخور الكبير، والأمير آخور المذكور حسّ بلا