للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن الأكشف، فقيّده وحبسه فى بعض الأبرجة؛ فمضى إليه بعض أعوانه وكسروا قيده وأخرجوه، واجتمع اليه جماعة من أهل البلد، فحارب بهم الروم حتى هزمهم وأخرجهم من دمياط، ونزحوا عن دمياط مهزومين ومضوا الى أشموم «١» تنّيس فلم يقدروا عليها فعادوا إلى بلادهم. ودام بعد ذلك عنبسة على مصر إلى أن ورد عليه كتاب المنتصر أن ينفرد بالخراج والصّلاة معا، وصرف شريكه على الخراج أحمد بن خالد؛ فدام على ذلك مدّة، ثم صرف عن الخراج فى أوّل جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين ومائتين بعد أن عاد من سفرة الصعيد الآتى «٢» ذكرها فى آخر ترجمته، وانفرد بالصلاة. ثم ورد عليه كتاب الخليفة المتوكّل بالدعاء بمصر للفتح بن خاقان، أعنى أنّ الفتح ولى إمرة مصر مكان المنتصر بن المتوكّل، وصار أمر مصر إليه يولّى بها من شاء، وذلك فى شهر ربيع الأوّل من سنة اثنتين وأربعين ومائتين، فدعى له بها على العادة بعد الخليفة.

وفى أيام عنبسة المذكور كان خروج أهل الصعيد الأعلى من معاملة الديار المصرية على الطاعة، وامتنعوا من إعطاء ما كان مقرّرا عليهم، وهو فى كل سنة خمسمائة نفر من العبيد والجوارى مع غير ذلك من البخت «٣» البجاويّة وزرافتين وفيلين وأشياء أخر. فلما كانت سنة أربعين ومائتين تجاهروا بالعصيان وقطعوا ما كانوا يحملونه، وتعرّضوا لمن كان يعمل فى معادن الزمرّذ من العمّال والفعلة والحفّارين فاجتاحوا الجميع؛ وبلغ بهم الأمر حتى اتصلت غاراتهم بأعالى الصعيد