وقال بعضهم: إنّ الكنز «١» الذي لقيه ابن طولون منه عّمر الجامع المذكور. وكان بناؤه فى سنة تسع وخمسين ومائتين. وأما أمر الكنز فانه ذكر غير واحد من المؤرّخين أنّ أحمد بن طولون كان له كاتب يعرف بابن دشومة «٢» وكان واسع الحيلة بخيل اليد زاهدا فى شكر الشاكرين، لا يهشّ الى شىء من أعمال البرّ، وكان ابن طولون من أهل القرآن إذا جرت منه إساءة استغفر وتضرّع؛ واتّفق أنّ الخليفة المعتمد أمر ابن طولون أن يتسلّم «٣» الخراج حسبما ذكرناه، فامتنع من المظالم لدينه، ثم شاور كاتبه ابن دشومة المذكور، فقال ابن دشومه: يؤمّننى الأمير لأقول له ما عندى؟ فقال أحمد بن طولون: قل وأنت آمن؛ فقال: يعلم الأمير أن الدنيا والآخرة ضرّتان، والشهم من لم يخلط إحداهما بالأخرى، والمفرّط من جمع بينهما؛ وأفعال الأمير أفعال الجبابرة، وتوكّله توكّل الزهّاد، وليس «٤» مثله من ركب خطّة لم يحكمها، ولو كنّا نثق بالنصر وطول العمر لما كان شىء آثر عندنا من التضييق على أنفسنا فى العاجل لعمارة الآجل، ولكن الإنسان قصير العمر كثير المصائب والآفات؛ وهذه المظالم قد اجتمع