أبى عبد الله «١» بن الجصّاص، وحمل معها من الجهاز ما لم ير مثله ولا يسمع به.
ولما دخل إلى خمارويه ابن الجصّاص يودّعه قال له خمارويه: هل بقى بينى وبينك حساب؟ قال: لا؛ فقال خمارويه: انظر حسنا «٢» ، فقال: كسر بقى من الجهاز؛ فقال خمارويه: أحضروه، فأخرج ربع طومار «٣» فيه ثبت ذكر نفقة الجهاز فإذا فيه أربعمائة ألف دينار، فوهبها له خمارويه. قال محمد «٤» بن علىّ الماذرائى: فنظرت فى الطومار فإذا فيه:" [و «٥» ] ألف تكّة الثمن [عنها «٦» ] عشرة آلاف دينار". قال القضاعىّ:
وإنما ذكرت هذا الخبر ليستدلّ به على [أشياء «٧» : منها] سعة نفس أبى الجيش خمارويه؛ ومنها كثرة مال ابن الجصّاص، حتى إنّه قال: كسر بقى من الجهاز، وهو أربعمائة ألف دينار، لو لم يذكّره بذلك لم يذكره؛ ومنها: عمارة مصر في ذلك الزمان لما طلب فيها ألف تكّة من أثمان عشرة دنانير قدر عليها في أيسر وقت بأهون سعى، ولو طلب اليوم خمسون لم يقدر عليها. انتهى كلام القضاعى.
قال المقريزى: ولا يعرف اليوم في أسواق القاهرة تكّة بعشرة دنانير إذا طلبت توجد في الحال ولا بعد شهر، إلا أن يعتنى «٨» بعملها. انتهى كلام المقريزى.
ولمّا فرغ خمارويه من جهاز ابنته قطر النّدى أمر فبنى لها على رأس كل منزلة تنزل فيها قصر فيما بين مصر وبغداد. وأخرج معها خمارويه أخاه خزرج «٩» بن أحمد ابن طولون في جماعة مع ابن الجصّاص، فكانوا يسيرون بها سير الطفل في المهد؛