للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يوم خلع جيش وقتل علىّ بن أحمد، وكان من القوّاد رجل يعرف بسمجور قد قلّد حجابة «١» هارون، فبسط لسانه في ابن أبّى المذكور وحرّك عليه القوّاد؛ وبلغ ذلك ابن أبّى فقال لهارون: احذر سمجور هذا، وهارون صبىّ فلم يتحمّل ذلك؛ ودخل القوّاد في شهر رمضان يفطرون عنده وكان سمجور فيهم؛ فلما نجز أمرهم وخرجوا استقعد سمجور وقال له: يا سمجور، أنت مدسوس إلىّ وأنا مدسوس اليك وتريد كيت وكيت، وغمز غلمانه عليه فقبضوا عليه واعتقله في خزانة من خزائنه فكان ذلك آخر العهد به. وأما برمش فانّ أبا جعفر بن أبىّ خلا به وقال له: ويحك! ألا ترى ما نحن فيه مع هؤلاء القوم! انقلبت الدولة روميّة ما لنا معهم أمر ولا نهى.

وكان برمش خزريّا أحمق، فبسط لسانه في بدر وغيره من الأروام، فنقل اليهم.

وكان بدر أخلاقه كريمة، وكان من أحسن خلقه أنّ الرجل إذا قبّل فخذه يقبّل هو رأس الرجل؛ فدسّ له برمش غلاما فوقف له على الباب، فلمّا خرج بدر أقبل عليه الغلام وقبّل فخذه فانكبّ بدر على رأسه، فضربه الغلام في رأسه فشجّه، وقبض على الغلام الأسود، فقال: دسّنى برمش؛ فغضب له الناس وركبوا قاصدين دار برمش، فعرف برمش الأمر فركب لحماقته وأمر غلمانه وحواشيه فركبوا وخرجوا الى الموضع المعروف ببئر برمش، وكان هو الذي احتفرها وبناها وصفّ هناك مماليكه؛ فركب في الحال ابن أبّى لما في نفسه من برمش قديما وقد تمّ له ما دبّره عليه، وقال لهارون: هذا غلامك برمش قد خرج عليك فأرسل بالقبض عليه، ثم قال:

الصواب أن تخرج بنفسك إليه في مماليكك وتبادر الأمر قبل أن يتّسع ويعسر أمره؛ فركب هارون في دسته فلم يبق أحد إلا ركب بركوبه؛ فلما رأى برمش ذلك تأهب لقتالهم وأخذ قوسه وبادر أن يرمى به؛ فقالوا له: مولاك، ويلك!