فدخل أحدهم الى القرية ليشترى لهم زادا «١» [فأنكروا زيّه وسئل عن أمره فمجمج «٢» ، فأعلم المتولّى مسلحة هذه الناحية بخبره وهو رجل يعرف بأبى خبزة خليفة أحمد بن محمد بن كشمرد] فأقبل عليه أبو خبزة المذكور مع أحداث ضيعته فقاتله وكسره وقبض عليه وعلى من معه: فانظر الى هذا الأمر الذي عجز عنه الملوك حتى كانت منيّته على يد هذا الضعيف. ولله درّ القائل:
وقد يسلم الإنسان ممّا يخافه ... ويؤتى الفتى من أمنه وهو غافل
فقبض عليه المذكور. وكان أمير «٣» هذه النواحى القاسم بن سيما، فكتب بالخبر الى الخليفة المكتفى وهو بالرّقّة، وقد كان رحل في أثر محمد بن سليمان، واتّفق مع هذا موافاة كتاب محمد بن سليمان الى القاسم بن عبيد الله بالفتح والنّصرة على القرمطىّ، ثم أحضر القرمطىّ الى بين يدى الخليفة المكتفى، فأخذه الخليفة وعاد هو ووزيره القاسم بن عبيد الله من الرّقة الى بغداد، وهو على جمل يشهر به في كلّ بلد يمرّون به، ومعه أيضا أصحاب «٤» القرمطىّ، ودخل بهم بغداد وقد زيّنت بغداد بأفخر الزينة، وكان لدخولهم يوم عظيم الى الغاية. فلما كان يوم الاثنين الثالث والعشرون من شهر ربيع الأوّل جلس الخليفة مجلسا عاما، وأحضر القرمطىّ وأصحابه فقطعت أيديهم وأرجلهم ثم رمى بهم من أعلى الدكّة الى أسفل، ولم يبق منهم إلّا ذو الشامة أعنى القرمطىّ، ثم قدّم القرمطىّ فضرب بالسّوط حتى استرخى، ثم قطعت يداه ورجلاه