أين الرماح التى غذّيتها مهجا ... مذمت ما وردت قلبا ولا كبدا
أين الجنان التى تجرى جداولها ... وتستجيب اليها الطائر الغردا
أين الوصائف كالغزلان رائحة ... يسحبن من حلل موشيّة جددا
أين الملاهى وأين الراح تحسبها ... ياقوتة كسيت من فضّة زردا
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيا ... صلاح ملك بنى العبّاس إذ فسدا
ما زلت تقسر منهم كلّ قسورة ... وتخيط «٢» العالى الجبّار معتمدا
ثم انقضيت فلا عين ولا أثر ... حتى كأنك يوما لم تكن أحدا
وفيها خرج يحيى بن زكرويه بن مهرويه داعية قرمط وجمع جموعا كثيرة من الأعراب، وكانت بينه وبين طغج بن جفّ تائب هارون بن خمارويه على الشام وقعات عديدة، تقدّم ذكر ذلك كله في أوّل ترجمة هارون المذكور. وفيها صلّى المكتفى بالناس يوم عيد النحر وكان بين يديه ألوية الملوك، وترجّل الملوك والأمراء بين يديه ما خلا وزيره القاسم بن عبيد الله فإنه ركب وسايره دون الناس؛ ولم ير قبل ذلك خليفة يسايره وزير غيره.
قلت: وهذا أوّل وهن وقع في حقّ الخلفاء. وأنا أقول: إنّ المعتضد هو آخر خليفة عقد ناموس الخلافة، ثم من بعده أخذ أمر الخلفاء في إدبار إلى يومنا هذا. وفيها