فلما استقرّ قرار محمد بن سليمان بحلب وافاه رسول الخليفة بأن يسلّم ما كان معه من الأموال والخيل والطّرز «١» والذهب وغير ذلك مما كان حمله من مصر إلى من أمر بتسليمه إليه، فقدّر المقدّرون فيه ما حمله من الأموال مع الذي أخذه من الناس ألفى ألف دينار؛ وتفرّق من كان معه من الجند من المصريّين، فمنهم من سار إلى العراق، ومنهم من رجع يريد مصر إلى من خلّفه من أهله بها؛ فممّن رجع إلى مصر شفيع اللؤلؤيّ الخادم ورجل شابّ يقال له محمد بن على الخلنجىّ «٢» من الجند من المصريّين، ومحمد هذا ممن كان في قيادة صافىّ الرّومىّ- أعنى أنه كان مضافه- فرجع محمد هذا يريد أهله وولده، فخطر له خاطر ففكّر فيما حلّ بآل طولون وإزالة ملكهم وإخراجهم عن أوطانهم، فأظهر النّصرة لهم والقيام بدولتهم وأعلن ذلك وأبداه، وذكر الذي عزم عليه لجماعة من المصريّين فبايعوه على ذلك وعضدوه على عصيانه؛ وانضمّ عليه شرذمة من المصريّين، فسار على حميّة حتّى وافى الرّملة فى شعبان من سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فنزل محمد المذكور بمن معه بناحية باب الزيتون؛ وكان بالرملة وصيف بن صوارتكين «٣» الأصغر فاستعدّ لقتاله، فقدّم وصيف جماعة مع محمد بن يزداد، ثم خرج وصيف ببقيّة جماعته فرأى محمد بن علىّ الخلنجىّ المذكور في نفر يسير من الفرسان، فزحف محمد بن علىّ الخلنجىّ بمن معه على وصيف بن صوارتكين فهزمه وقتل رجاله وهرب من بقى بين يديه.
وملك محمد الرملة ودعا على منابرها في يوم الجمعة للخليفة وبعده لإبراهيم بن خمارويه