غير ممانع. وكان محمد المذكور شابّا شجاعا مقداما مكبّا على شرب الخمر واللهو عاصيا ظالما، ومولده بمدينة مصر ونشأ بها؛ فلما دخلها طاف بها ودخل الجامع وصلّى فيه يوم الجمعة، ودعا له الإمام على المنبر بعد الخليفة وإبراهيم بن خمارويه، ففرح به أهل مصر إلى الغاية وقاموا معه، فمهّد أمورها وقمع المفسدين وتخلّق «١» أهل مصر بالزعفران، وخلّقوا وجه دابّته ووجوه دوابّ أصحابه فرحا به. ولم يشتغل محمد الخلنجىّ المذكور بشاغل عن بعثه في أثر عيسى النوشرىّ وجهّز عسكرا عليه رجل من أصحابه يقال له خفيف النوبىّ- وخفيف من الخفة- وأمره باقتفاء أثر عيسى النوشرىّ حيث سلك؛ فخرج خفيف المذكور وتتابع مجىء العساكر إليه في البرّ والبحر. وبلغ عيسى النوشرىّ مسير خفيف إليه فرحل من مكانه حتى وافى الإسكندريّة وخفيف من ورائه يتبعه.
وأما محمد الخلنجىّ فإنّه قلّد وزارته ... بن موسى «٢» النصرانىّ، وقلّد أخاه إبراهيم ابن موسى على خراج مصر، وقلّد شرطة المدينة لإبراهيم بن فيروز، وقلّد شرطة العسكر لعبد الجبّار بن أحمد بن أعجر؛ وأقبل الناس إليه من جميع البلدان حتّى بلغت عساكره زيادة على خمسين ألفا، وفرض لهم الأرزاق السنيّة، فاحتاج الى الأموال لإعطاء الرجال، وكان في البلد نحو تسعمائة ألف دينار، وكانت معبّأة فى الصناديق للحمل للخليفة، وهى عند أبى زنبور وعيسى النّوشرىّ صاحب الترجمة؛ فلما خرجا من البلد وزّعاها فلم يوجد لها أثر عند أحد بمصر، وعمد الحسين ابن أحمد الى جميع علوم دواوين الخراج فأخرجها عن الدواوين قبل خروجه من مصر لئلّا يوقف على معرفة أصول الأموال في الضياع فيطالب بها أهل الضّياع بما