للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلح عَلَى أن (١) يعطوا بنى عبد مناف بن قصىّ السقاية والرّفادة. وتكون الحجابة واللواء ودار الندوة إلى بنى عبد الدار كما كانت، ففعلوا وتحاجز الناس، فلم تزل دار الندوة فى يدى بنى عبد الدار حتى باعها عِكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدّار بن قصىّ من معاوية بن أبى سفيان، فجعلها معاوية دار الإمارة، فهى فى أيدى الخلفاء إلى اليوم (٢).

قال: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمى قال: فحدّثنى يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلى عن أبيه قال: فاصطلحوا يومئذ أن وُلّى هاشم بن عبْد مَناف بن قصىّ السقاية والرفادة، وكان رجلًا مُوسِرًا، وكان إذا حضر الحجّ قام فى قريش فقال: يا معشر قريش إنّكم جيران الله، وأهل بيته، وإنّه يأتيكم فى هذا الموسم زوّار الله يعظّمون حرمة بيته فهم ضيف الله وأحقّ الضيف بالكرامة ضيفُه، وقد خصّكم الله بذلك وأكرمكم به، وحفظ منكم أفضل ما حفظ جار من جاره، فأكرموا ضيفه وزَوْرَه، يأتون شُعثًا غُبرًا من كل بلد على ضوامر كأنهن القِدَاح، قد أَزْحَفُوا (٣) وتفلوا وقملوا وأَرْمَلوا فاقروهم واسقوهم، فكانت قريش ترافد على ذلك، حتى أن كان أهل البيت ليرسلون بالشئ اليسير على قدرهم، وكان هاشم ابن عبد منَاف بن قُصىّ يُخرج فى كلّ عام مالًا كثيرًا (٤).

وكان قوم من قريش أهْل يسارة يترافدون، وكان كلّ إنسان يرسل بمائة مثقال هِرَقْلِيّة، وكان هاشم يأمر بحياض من أدم فتُجعل فى موضع زمزم، ثمّ يستقى فيها الماء من البئار التى بمكّة فيشربه الحاجّ، وكان يطعمهم أوّل ما يطعم قبل التروية بيوم بمكّة وبمنًى وجَمْع وعرفة، وكان يثرد لهم الخبز واللحم، والخبز والسمن، والسويق والتمر، ويجعل لهم الماء فيسقون بمنًى، والماء يومئذ قليل فى حياض


(١) ل، م "إلى أن" والمثبت لدى ابن هشام ج ١ ص ١٣٢، والنويرى ج ١٦ ص ٣٥ وهو ينقل عن ابن سعد.
(٢) أورده النويرى ج ١٦ ص ٣٥ نقلا عن ابن سعد.
(٣) أزْحَفَ الرجلُ: إذا أَعيت دابتُه (النهاية) والخبر لدى الصالحى فى السيرة ج ١ ص ٣١٨ وفيه "أَرْحَضُوا" بمعنى "عرقوا".
(٤) الصالحى: سبل الهدى ج ١ ص ٣١٨.