للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكر بن عبد الرحمن بن المِسْوَر بن مَخْرَمَة وغيرهما، أَنَّ عَمْرَو بنَ العاص سار حتى نزل أطرابلس فافتتحها، وكتب إلى عمر بذلك، وأن بين أطرابلس وإفريقية تسعة أيام، ويُخبرهُ بكثرة أموالها وأنها معادن، إنما يَحثُون منها حثيًا، فإنْ رَأَى أميرُ المؤمنين أن يأذن للمسلمين في دخولها فعل. فكتب إليه عُمر: إنها ليست بإفريقية، ولكنها مفرقة غادرةٌ ومغدورٌ بها، لا يغذوها أحدٌ من المسلمين ما بقيتُ. فلم يأذن له في غزوها فكان عمرو بن العاص يبعثَ الجَرِيدَةَ من الخيلِ إلى أدنى القرى بإفريقية فيصيبون غنائم ويرجعون (١).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا هشام بن سعد، عن يحيى بن عبد الله بن مالك الدار، أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص: أن يحمل طعامًا من مصر حتى يُرسَى بهِ إلى بَولا وكان الساحلَ، ليقسمه على الناس على حالاتِهم وعيالاتِهم، وإن أهل المدينة قومٌ محصورون، وليست بأرض زرع، فبعث عمرو بن العاص بعشرين مركبًا في البحر، وبعث في كل مركب ثلاثة آلاف إردب وأكثر وأقلّ، حتى انتهت إلى الجار، وهو المرفأ اليوم وبلغ عمر - رضي الله عنه - قدومها فخرج وخرج معه الأكابر من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فنظر السفن فحمد الله الذي ذَلَّلَ لهم البحرَ حتى جَرَتْ فيه منافع المسلمين إلى المدينة. وَأَمَرَ سعد الجار بِقَبْض ذلك الطعام وأَن يَسْتَوْفِيَه، فلما قدم عمر المدينة قسّم ذلك الطعامَ على الناس وكتب لهم بالصِّكاك إلى الجار، فكانوا يخرجون ويَقْبِضُونَ ذلك.

(* قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أُسَامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعتُ عَمْرَو بن العاص يومًا - وَذَكَرَ عُمَرَ فَتَرَحَّم عليه ثم - قال: ما رأيتُ أحدًا - بعد نَبِيّ اللهِ وأَبِي بكر - أَخْوَفَ للهِ من عُمَرَ، لا يبالي على من وقع الحقُّ، عَلَى وَلَدٍ أَوْ وَالدٍ، ثم قال: والله إِنِّي لَفِي منزلي ضُحًى بمصرَ إِذْ أتانى آتٍ فقال: قدم عبد الله وعبد الرحمن ابنا عُمَر غَازِيَيْنِ، فقلت للذي أخبرني: أين نَزَلَا؟ قال: في موضع كذا وكذا - لأقصى مصر - وقد كَتَبَ إِلَيَّ


(١) ابن عبد الحكم ص ١٧٣.
(* - *) أورده ابن عساكر في تاريخه ترجمة عمر بن الخطاب، بسنده ونصه.