للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: فخرج فركبَ دابّتَهُ وانطلق نحو الزاويةَ قال: فقال في مَسِيره ذاك: والله ما أعرف شيئًا مما كنا عليه على عهد النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، إلا شهادةَ أن لا إله إلا الله، فقال له رجلٌ: فالصلاة يا أبا حمزةَ، قال: قد صلّيتم الظهر عند المغرب أفَتِلكَ كانت صلاة رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -!

قال: أخبرنا محمدُ بنُ كثير وشهابُ بنُ عبّاد العَبدِيّان قالا: حدّثنا جعفر بن سليمان الضَّبَعِيّ، عن علي بن زَيد بن جُدْعَان، قال كنتُ في دار الإمارةِ والحجّاجُ يعرضُ الناسَ أيام ابن الأشعث قال: فجاء أنس بن مالك فَدَخَلَ فلما دَنا منهُ قال له الحجّاجُ: يا خِبْثَةُ (١)! جَوَّالٌ في الفتن، مَرَّةً مع علي بن أبي طالب، ومَرَّةً مع ابن الزبير، ومَرَّةً مع ابن الأشعث! واللهِ لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كما تُسْتَأصَلُ الصَّمغَةُ، ولأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرَّدُ الضَّبُّ قال: فقال أنس: مَن يَعني الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك أعني، أَصَمَّ الله سَمْعَكَ. قال: فقال أنس: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. قال: وشُغِلَ الحجّاجُ عنه فخرج أنسٌ فَتَبعتُه فقلتُ: ما منعك أن تُجِيبَهُ؟ فقال: لولا أني ذكرتُ كثرةَ وَلدِي وخَشِيتُه عليهم بعدي لكلمته بكلام في مقامي، لا يستحييني بعده أبدا (٢).

قال محمد بن عمر: وقد فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يُريدُ أن يُذلّهم بذلك، وقد مَضَتْ العِزَّةُ لهم بصحبةِ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني ابن أَبِي ذِئب، عن إسحاق بن يَزيدَ، قال: رأيتُ أنس بن مالك مختومًا في عنقه، خَتَمَهُ الحجاجُ، أراد أن يُذِلَّهُ بذلك.

قال: أخبرنا يحيى بن خُلَيف بن عطية قال: أخبرنا أبو موسى عن أبان بن أبي


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (خبث) ومنه حديث الحجاج "أنه قال لأنس يا خِبْثَة" يريد يا خبيث. ويقال للأخلاق الخبيثة خِبْثة.
(٢) في ث ". . . لولا أني ذكرت كثرة ولدي وخشيته عليهم لأسمعته في مقامي هذا ما لا يُسْتَخْشَنُ لأحدٍ بعدي" وقد اتبعت ما ورد بالمزي ج ٣ ص ٣٧٣، والذهبي في تاريخ الإسلام وسير أعلاء النبلاء، راجع أيضًا مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٥ ص ٧٤. وقوله لا يستحييني: أي لا يتركني حيا.