ما في الأرض لافتديت به من هول المُطَّلع. فقال له ابن عباس: لم؟ فقد فتح الله بك الفتوح ومَصَّرَ بكَ الأمصار ووليت الناس فعملت بالعدل وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومات وهو عنك راضٍ، وصحبت أبا بكر فمات وهو عنك راضٍ، فقال عمر أردد عليّ الكلمات، فرددها عليه فقال: أتشهد بها لي عند الله؟ قال: نعم. أشهد لك بها عند الله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إسحاق بن أبي إسحاق، عن سماك بن الفضل، عن شهاب بن عبد الله الخولاني، عن ابن عباس، قال: دعاني عمر حين طعن، فقال: احفظ عني ثلاث خصال، مَنْ قال عَلَيَّ فيهن شيئًا فقد كذب، من قال: إني تركت مملوكًا فقد كذب، ومن قال: إني قضيت في الكلالة بشيء فقد كذب، ومن قال: إني قد سميت الخليفة بعدي فقد كذب. قال: ثم بكى عمر فقال له ابن عباس: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ قال: يبكيني أمر آخرتي. قال ابن عباس: فإن فيك يا أمير المؤمنين ثلاث خصال لا يعذبك الله معهن أبدًا إن شاء الله. قال عمر: وَمَا هُنَّ؟ قال: إنك إذا قلتَ صدقتَ، وإذا حكمتَ عدلتَ، وإذا استُرْحمتَ رحمتَ. فقال: أتشهد لي بهنّ عند ربي يابن عباس؟ قال: نعم.
قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير، والنضر بن إسماعيل أبو المغيرة، قالا: حدثنا الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عَشره منا من رجل (١).
وزاد النضر بن إسماعيل في هذا الحديث بهذا الإسناد نِعم ترجمان القرآن ابن عباس! وكان سفيان الثوري يحدِّث به عن الأعمش كما قال أبو معاوية.
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمَير، عن مالك بن مِغْوَل، عن سَلمة بن كُهيل، قال: قال عبد الله: نِعم ترجمان القرآن ابن عباس!
قال: أخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير، عن عِكرمة، قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان عَلِيٌّ أعلمهما بالمُبْهَمَات.