أخّرنى وقدّم رجلًا، فغضب عُمَرُ وجعل يقول: واعجبًا لك يا مسور وجعل يُرسل إلى بيته، فلمّا قَدِمَ المسور أُخْبر بذلك، فأتاه فلمّا رآه طالعًا قال: واعجبًا لك يا مسور فقال: لا تَعْجَل يا أمير المؤمنين فوالله ما أردتُ إلّا الخير قال: وأنّى الخير في هذا؟ فقال: إنَّ سوق عكاظ أو ذى المجاز اجتمع فيها ناسٌ كثير، عامتهم لم يسمع القرآن، وكان الرجلُ أَرَتَّ أو ألْثَغَ فخشيت أن يتفرقوا بالقرآن على لسانه فأخرته وقدمت رجلًا عربيًّا بيّنًا فقال عمرُ: جزاك الله خيرًا (١).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، عن أبيها، قال: لمّا وَلِىَ عَبْدُ الرحمن بن عوف الشورى، قلتُ: إنَّ تَرْكِى خالِىَ وقد تحمّل أمَرَ المسلمين خطأٌ، فلزِمْتُه لزومًا لم أكن ألْزمه، ولم يك شيئًا أحبّ إليَّ مِنْ أن يليها عبدُ الرحمن أو سعدُ، فخرجت يومًا فأدركنى عمرو بن العاص فنادانى، يا مسورُ، يا مسورُ، فأقبلت عليه فقال: ما ظَنُّ خالِكَ بالله إنْ وَلَّى أحدًا وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِمّنْ يُوَلّى؟ قال المسور: فقال لى شيئًا أشتهيه، فجئْتُ عبد الرحمن بن عوف فوجدْتُه مضطجعًا في رشّ دار المال واضعًا إحدى رجليه على الأرض، فقلتُ له: لو رأيتَ رجلًا قال لى كذا وكذا. فجلس فقال لى: مَنْ هو؟ فقلت: لا أخبرك، فحلف لا يكلّمنى إذًا، فأخبرتُه فقال: والله لأن توضع سكّينٌ في لُبَّتِى حتّى تخرج من سُرّتى، أحبُّ إليَّ مِنْ أن لا أتبع عمر بن الخطّاب.
قال: وطرقنى عَبْدُ الرحمن في صُبحِ الليلةِ التى بُويع فيها عُثْمانُ، فقال لى: يابن أختى اكْفنى هذه الناحية -يعنى المهاجرين- وأَكْفِيك هذه الناحية -يعنى الأنصار- وادْعُ عليًّا وعُثْمانَ، وكنت أحبُّ عليًّا، فقلت بأيّهما أبدأُ؟ قال: بأيّهما شِئْتَ. فجئْتُ عليًّا فقلت: إنّ خالى يدعوك يقول: وافنى في دار المال. فقال: أرسلك إلى أحد معى؟ قلت: عثمان. قال: بأيّهما أمرك أن تبدأ؟ قلت: قد سَأَلْتُه، فقال: بأيّهما شئت. قال: ثمّ ذهبت إلى عثمان، فقلت: إن خالى يدعوك. فقال لى عثمان: أرسلك إلى أحد معى؟ فقلت: عليّ. فقال: بأيّهما