عبيدُ بن عمير، يقولُ: يا أبا عبد الرحمن، كيف ترى في قتال مَنْ ترى؟ فقال: على ذلك قُتِلْنا. فقال عبيد بن عمير: ابسط يدك، فضرب عليها عبيد بن عمير، فكان ابن الزبير لا يفارِقُه يُمَرِّضُه حَتَّى مَاتَ.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، قالت: كنت أرى العظام تنزع من صَفْحَتِهِ، وما مكث إلّا خَمْسَةَ أيام حتّى مات (١).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، قال: جاء نَعيُ يزيد بن معاوية ليلًا، وكان أهل الشام يُؤْذون ابن الزبير، وعِدةٌ مِمّنْ معه، فقال ابن الزبير: اسكتوا عن هذا الخبر حتّى نُصْبح. قال أبو عون: فجئت حتّى قمتُ في مَشْربة لنا في دار مخرمة بن نوفل، فصحت بأعلى صوتى: يا أهل الشام، يا أهل النفاق، يا أهل الشؤم، قد والله الذى لا إله إِلَّا هو مات يزيد. فصاح أهل الشام وسبّوا وانكسروا، فلمّا أصبحنا جاءنا فتى شابٌّ فاستأمن، فآمنّاه، فجاء إلى ابن الزبير وعبد الله بن صفوان في أشياخ من قريش جلوس في الحجر، والمسورُ بن مخرمة في البيت يموتُ، فخَطَب فقال: إنكم يا معشر قريش إنما هذا الأمرُ أمرُكم والسلطان سلطانُكم، وإنما خرَجْنا في طاعة رجل منكم، وقد هَلَكَ ذلك الرجل، فإن رأيتم أن تأذنوا لنا فنطوف بالبيت وننصرف إلى بلادنا، حتّى يجتمع رأيكم على رجلٍ منكم فندخل في طاعتكم.
فقال ابن الزبير: لا، ولا كرامة.
فقال عبد الله بن صفوان: لِمَ؟ بَلَى نفعل ذلك.
ثمّ قال ابن الزبير: انطلق بنا يا أبا صفوان إلى المسور، فإنا لا نقطع أمرًا دونه، فقاما حتّى دخلا على المسور، فقال ابن الزبير: ما ترى يا أبا عبد الرحمن في أهل الشام فإنهم استأذنوا أن يطوفوا بالبيت وينصرفوا إلى بلادهم، فقال المسور: أَجلسونى، فأُجلس. فقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا