للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه ثمّ قال: الحقوا برحالكم واتّقوا الله وعليكم بما تعرفون ودعُوا ما تُنْكِرون وعليكم بخاصّة أنفسكم ودعوا أمر العامّة واستقروا عن أمرنا كما استقرت السماء والأرض، فإنّ أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضاحية.

قالوا: وقُتل المختار بن أبي عبيد في سنة ثمانٍ وستّين، فلمّا دخلت سنة تسعٍ وستيّن أرسل عبد الله بن الزبير عُرْوة بن الزبير إلى محمّد بن الحنفيّة: إنّ أمير المؤمنين يقول لك إنى غير تاركك أبدًا حتّى تبايعنى أو أعيدك في الحبس وقد قتل الله الكذّاب الذى كنتَ تدّعى نصرته، وأجمع عليّ أهلُ العراقين، فبايْع لى وإلّا فهى الحرب بيني وبينك إن امتنعتَ. فقال ابن الحنفيّة لعروة: ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحقّ، وأغفله عن تعجيل عقوبة الله، ما يشكّ أخوك في الخلود وإلّا فقد كان أحمد للمختار ولهديه منى، والله ما بعثتُ المختار داعيًا ولا ناصرًا، وللمختار كان إليه أشدّ انقطاعًا منه إلينا، فإن كان كذّابًا فطالما قرّبه على كذبه، وإن كان على غير ذلك فهو أعلمُ به، وما عندى خلاف، ولو كان خلاف ما أقمتُ في جواره ولخرجتُ إلى من يدعونى فأبيت ذلك عليه، ولكن هاهنا والله لأخيك قرينًا يطلب مثل ما يطلب أخوك، كلاهما يقاتلان على الدنيا: عبد الملك بن مروان. والله لكأنّك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك وإنى لأحسب أنّ جوار عبد الملك خير لى من جوار أخيك، ولقد كتب إليّ يعرض عليّ ما قِبَله ويدعونى إليه (١).

قال عروة: فما يمنعك من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحبّ إلى صاحبك. قال: أذكر ذلك له. فقال بعض أصحاب محمّد بن الحنفيّة: والله لو أطعتَنا لضربنا عنقه. فقال ابن الحنفيّة: وعَلَام أضرب عنقه؟ جاءنا برسالة من أخيه وجاورنا فجرى بيننا وبينه كلام فرددناه إلى أخيه. والذى قلتم غدر وليس في الغدر خير، لو فعلتُ الذى تقولون لكان القتال بمكّة وأنتم تعلمون أنّ رأيى لو اجتمع النَّاس عليّ كلّهم إِلَّا إنسان واحد لمّا قاتلتُه. فانصرف عروة فأخبر ابن الزبير بما قال له محمّد بن الحنفيّة، قال والله ما أرى أن تعرض له، دَعْه فليخرج


(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١٢٣.