للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمد، وقدم الرجل وهو يريد الانطلاق إلى اليمن، وليست عند محمد، فقال له: متى تريد الانطلاق؟ فقال: غدًا إن شاء الله. فخرج محمد إلى المسجد، فبات فيه حتى أسحر يدعو الله في هذه الدنانير. يأتيه بها كيف شاء، ومن حيث شاء، فأتى بها آت وهو ساجد في صُرَّة فوضعها في نعله، ثم ألمسها يده، فإذا صُرَّة فيها مائة دينار، فحمد الله ورجع إلى منزله، فلما أصبح دفعها إلى صاحبها.

قال محمد بن عمر: فأصحابنا يتحدَّثون أن الذي وضعها عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، وكان كثيرًا ما يفعل مثل هذا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنى الحُرّ بن يزيد الحذَّاء، قال: كان محمد بن المُنْكدر [قد ضاق] فبينا صفوان بن سُلَيْم يصلى في المسجد شطر الليل إلى أن أتاه آت فوضع على نعله خمسين دينارًا، فأخذها وحمد الله وانصرف صفوان إلى بيته، فقال لمولاته سَلَّامة: إن أخى محمدًا أمسى مُضِيْقًا اذهبى إليه بهذه الدنانير فإنه يكفينا أن نأخذ منها خمسة، أو أربعة، فقالت: الساعة؟ قال: نعم، إنك تجدينه الساعة في محرابه يسأل الله، يقول: ائتنى بها من حيث شئت، وكيف شئت، وأنَّى شئت. قال: فتخرج بستة وأربعين دينارًا أو بخمسة وأربعين دينارًا، فأتته بها، فوقفت تسمع، فإذا هو يقول: اللهم [ائتنى] بها من حيث شِئْتَ، وأنَّى شئتَ، وكيف شئتَ، من ساعتى هذه يا إلهى، قالت: فدققت الباب عليه، فدفعتُها إليه، فحمدَ الله على ذلك (١).

أخبرنا محمد بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، أو غيره من أصحابه، قال: كان محمد بن المُنْكدر يحج في كل سنة، ويحج معه عدة من أصحابه، فبينا هو ذات يوم في منزل من منازل مكة، إذ قال لغلام له: اذهب فاشتر لنا كذَا فقال الغلام: والله ما أصبح عندنا قليل ولا كثير، درهم فما فوقه. قال: اذهب فإن الله يأتى به. قال: من أين؟ قال: سبحان الله ثم رفع صوته بالتلبية ولَبَّى أصحابه الذين معه، وكان إبراهيم بن هشام قد حج تلك السنة فسمع أصواتهم، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل له: محمد بن المُنكدر وأصحابه حجوا ومحمد يحتمل مئونتهم، ويحملهم ويكلف لهم. فقال: ما بدّ من أن يُعان محمد على هذا الذي


(١) مختصر تاريخ ابن عساكر ج ٢٣ ص ٢٦٢ وما بين حاصرتين منه.