علم الفقه، وكثرت فيه المصنفات؛ ما بين مختصرات ومطولات، ومتون وشروح لها وحواش عليها، وتبارى جهابذة هذا الفن من كل المذاهب في هذا الميدان، فتكونت فيه ثروة عريضة مشرفة، بقيت منارًا للأجيال اللاحقة، ولم يزل هذا المدُّ -بفضل اللَّه تعالى- مستمرًا في العطاء والتجدد.
وكان من فضل اللَّه عليَّ أن تخصصت في هذا الفن في دراستي الجامعية وما بعدها، وقد تشرفت بالانتساب إلى هذه الجامعة المباركة، في المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه.
وقد أنهيت متطلبات الماجستير عام ١٤١٧ هـ، ولم أزل أتلفت عن موضوع يصلح لتسجيله أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، حتى وجدت بغيتي -بحمد اللَّه- في حاشية العلامة محمد بن أحمد البهوتي الخَلوتي المصري المتوفى سنة ثمان وثمانين وألف بعد الهجرة، على منتهى الإرادات للعلامة محمد بن أحمد الفتوحي الشهير بابن النجار المتوفى سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة. فسعدت بهذه الحاشية، وعزمت على تحقيقها بعد أن اطلعت عليها، وذلك لما يلي:
١ - شهرة المنتهى ومنزلته الرفيعة بين أهل المذهب، وتقديمه على غيره عند المتأخرين في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك إضافة إلى ما أطبق عليه الحنابلة من مكانتها المميزة بين شروح المنتهى وحواشيه.
٢ - مكانة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرته وتميزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق.
٣ - ما لهذه الحاشية من ميزات كالعناية بنقل الأقوال ونسبتها، وكثرة مصادرها، واشتمالها على فوائد وزيادات كثيرة في فنون متنوعة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه -كما فصلته في موضعه-.