للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* المطلب الثالث: قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب:

لكتاب (منتهى الإرادات) منزلة كبيرة في المذهب، فهو أحد المتون الثلاثة التي حازت الاشتهار لدى الحنابلة، بل هو أشهرها لدى المتأخرين، قال ابن بدران: (واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيما اشتهار؛ أولها: مختصر الخرقي؛ فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقًا ومغربًا، إِلى أن ألَّف الموفق كتابه (المقنع) فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي، إلى عصر التسعمئة، حيث ألَّف علاء الدين المرداوي (التنقيح المشبع)، ثم جاء بعده تقي الدين أحمد ابن النجار الشهير بالفتوحي فجمع المقنع مع التنقيح في كتاب سماه (منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)، فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين؛ كسلًا منهم، ونسيانًا لمقاصد علماء هذا المذهب) (١).

وهذا يوضح مدى أهمية المنتهى لدى الحنابلة، ولا سيما أنه شامل لكتاب المقنع الذي وجد من العناية في المذهب شرحا واختصارًا ما لم يجده غيره.

وهذه الأهمية للكتاب والعناية به بدأت بعد تأليفه مباشرة، حيث اشتغل به عامة طلحة الحنابلة في عصر مؤلفه.

واقتصروا عليه، وقرئ على والده الشيخ شهاب الدين أيضًا بحضرته مراتٍ، مما دعا مؤلفه الفتوحي لشرحه بكتاب (معونة أولي النهي) (٢).

ولم يزل هذا القبول لكتاب المنتهى على قوته إلى عصرنا الحاضر حيث أن له بين الحنابلة منزلة خاصة جدًّا، ومن مظاهر ذلك جعله أهم المصادر الفقهية التي يعتمد عليها القاضي في المملكة العربية السعودية؛ جاء في قرار الهيئة القضائية


(١) المدخل ص (٤٣٤).
(٢) الدرر الفرائد (٣/ ١٨٥٢)، والمدخل ص (٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>