للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً، أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا، وَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، لَمْ يَضْمَنْهَا. وَإِنْ عَطَبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ نَحَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَصَبَغَ نَعْلَهُ الَّتِي فِي عُنُقِهِ فِي دَمِهِ، وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ. وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقِيمَةِ، جَازَ، وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً) إِنْ أَمْكَنَ (أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ) لِأَنَّ الذَّبْحَ مَقْصُودٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ لَزِمَهُ (فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا وَتَصَدَّقَ بِهِ) هَذَا وَجْهٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَتَفْرِقَةَ اللَّحْمِ مَقْصُودَانِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا، تَعَيَّنَ الْآخَرُ (أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّقَرُّبُ بِالْإِرَاقَةِ كَانَ اللَّحْمُ، وَعَنْهُ: سَوَاءٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحَصِّلٌ لِلْمَقْصُودِ (فَإِنْ تَلَفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا) صَاحِبُهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ.

فَرْعٌ: اثْنَانِ ضَحَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ بِأُضْحِيَّةِ الْآخَرِ غَلَطًا، أَجْزَأَتْهُمَا، وَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ ضِدُّهُمَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

(وَإِنْ عَطَبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ) قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ خَافَ عَطَبَهُ لَزِمَهُ (نَحْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَ) يُسْتَحَبُّ (صَبْغُ نَعْلِهِ الَّتِي فِي عُنُقِهِ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ) أَيْ: صَفْحَةَ سَنَامِهَا (لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا، فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهُ، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ السَّائِقَ وَرُفْقَتَهُ مِنْ أَكْلِهَا لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا، فَيُعْطِبَهَا لِيَتَنَاوَلَ هُوَ وَرُفْقَتُهُ مِنْهَا. زَادَ فِي " الرَّوْضَةِ " وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ نَفَرِهِ، وَأَبَاحَهُ لَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَبَاحَهُ مَالِكٌ لِرُفْقَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>