للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، سَوَاءٌ أَرَدَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْجُعْلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ وَعَمَلٍ مَجْهُولٍ إِذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا، وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَفَارَقَ الْمُلْتَقَطَ بَعْدَ بُلُوغِ الْجُعْلِ، فَإِنَّمَا بَدَّلَ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ جُعِلَ لَهُ، فَاسْتَحَقَّهُ كَالْأَجِيرِ إِذَا عَمِلَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَ الْجُعْلِ بِرَدِّهَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (سَوَاءٌ أَرَدَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْجُعْلِ أَوْ بَعْدَهُ) لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْجُعْلَ بَدَلٌ عَنِ الْفِعْلِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ قَالَ غَيْرُ صَاحِبِ الضَّالَّةِ: مَنْ رَدَّهَا فَلَهُ دِينَارٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ إِلَى مَالِكِهَا فَلَا (وَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ وَعَمَلٍ مَجْهُولٍ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ وَالْمُدَّةُ مَجْهُولَيْنِ كَالشَّرِكَةِ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَ الضَّالَّةِ وَالْآبِقِ (إِذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَازِمًا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَكَالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِنَ الْمِائَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِسْقَاطِ أَقْوَى، وَفِي " الْمُغْنِي " تَخْرِيجٌ بِجَوَازِ جَهَالَةِ الْجُعْلِ، إِنْ لَمْ يَمْنَعِ التَّسْلِيمَ لِقَوْلِهِ: مَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا بِخِلَافٍ، فَلَهُ شَيْءٌ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْغَزْوِ: مَنْ جَاءَ بِعَشْرَةِ أَرْؤُسٍ فَلَهُ رَأْسٌ. فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتِ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنَ التَّسْلِيمِ، لَمْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أَجْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَاسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ وَقَدْ تَضَمَّنُ كَلَامُهُ أُمُورًا:

مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ، وَالْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ الْمُدَّةَ بِأَنْ قَالَ: إِنْ وَجَدْتَهَا فِي شَهْرٍ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا إِذَا جَازَتْ مَجْهُولَةً، فَمَعَ التَّقْدِيرِ أَوْلَى.

وَمِنْهَا: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْعَامِلِ لِلْحَاجَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْعَمَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَالْوِكَالَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ كُلَّمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْجَعَالَةِ، وَكُلُّ مَا جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ جَازَ أَخْذُهُ فِي الْجَعَالَةِ.

(وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ) مِنَ الطَّرَفَيْنِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ كَالْمُضَارَبَةِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، فَمَتَى فَسَخَهَا الْعَامِلُ) قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ (لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ، حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ (وَإِنْ فَسَخَهَا الْجَاعِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>