للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ عَلَيْهِ الْحَدُّ. الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ، يَصِفُونَ الزِّنَا وَيَجِيئُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ مُجْتَمِعِينَ، فَإِنْ جَاءَ بَعْضُهُمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِلَى تَمَامِ الْحَدِّ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ أَوْ هَرَبَ كُفَّ عَنْهُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، لِقِصَّةِ مَاعِزٍ.

فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى إِقْرَارِهِ بِهِ أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ، أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعٍ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا عَلَى الشُّهُودِ، وَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ إِنْ أَنْكَرَ، وَإِنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُمْ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى فِعْلِهِ (أَرْبَعَةٌ) إِجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] «وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ حِينَ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ» . رَوَاهُ مَالِكٌ. (رِجَالٌ) فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَحَمَّادٍ: أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَامْرَأَتَانِ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ، لِأَنَّ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ شُبْهَةً، لِمَا فِي قَبُولِهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ (أَحْرَارٌ) فِي الْأَشْهَرِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ الْعَبْدُ لِعُمُومِ النَّصِّ، وَهُوَ عَدْلٌ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ، فَقُبِلَ كَالْحُرِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ، وَذَلِكَ شُبْهَةٌ، فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (عُدُولٌ) وَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهَا كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ، فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ فَاسِقٍ، وَلَا مَسْتُورِ الْحَالِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا، وَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ كُفَّارٌ لَا تَتَحَقَّقُ الْعَدَالَةُ فِيهِمْ، فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ وَلَا خَبَرُهُمُ الدِّينِيُّ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (يَصِفُونَ الزِّنَا) أَيْ: زِنًا وَاحِدٍ يَصِفُونَهُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، فَيَقُولُونَ: رَأَيْنَا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا اعْتُبِرَ التَّصْرِيحُ فِي الْإِقْرَارِ كَانَ اعْتِبَارُهُ فِي الشَّهَادَةِ أَوْلَى، وَقَالَ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمَا لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا، لِيَحْصُلَ الرَّدْعُ بِالْحَدِّ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ قَدْ غَيَّبَهُ فِي فَرْجِهَا، كَفَى (وَيَجِيئُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ عُمَرَ شَهِدَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعٌ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَشْهَدْ زِيَادٌ، فَحَدَّ الثَّلَاثَةَ، وَلَوْ كَانَ الْمَجْلِسُ غَيْرَ مُشْتَرَطٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحُدَّهُمْ، لِجَوَازِ أَنْ يَكْمُلُوا بِرَابِعٍ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَحَدَّهُمْ، ثُمَّ جَاءَ رَابِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>