للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، واحتمل أَنْ يَكُونَ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَقَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا مِثْلَ الْحِينِ، إِلَّا بَعِيدًا أَوْ مَلِيًّا، فَإِنَّهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ قَالَ: الْأَبَدَ، وَالدَّهْرَ، فَذَلِكَ عَلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ، وَالْحُقْبُ: ثَمَانُونَ سَنَةً، وَالشُّهُورُ: اثْنَا عَشَرَ، عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ ثَلَاثًا كَالْأَشْهُرِ، وَالْأَيَّامُ: ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ فَحَوَّلَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

اللَّفْظُ (وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعِينَ عَامًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ} [يونس: ١٦] ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كَالْحِينِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنَ الْعُمُرِ وَالدَّهْرِ، (وَقَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا مِثْلَ الْحِينِ) ، لِمَا تَقَدَّمَ، (إِلَّا بَعِيدًا أَوْ مَلِيًّا) زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: أَوْ طَوِيلًا، (فَإِنَّهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ قَالَ: الْأَبَدَ، وَالدَّهْرَ) وَالْعُمُرَ (فَذَلِكَ عَلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ) ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ دُخُولَ الزَّمَانِ كُلِّهِ. (وَالْحُقْبُ) ، بِضَمِّ الْحَاءِ: (ثَمَانُونَ سَنَةً) ، نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: هُوَ أَدْنَى زَمَانٍ، لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ عَامًا، وَقِيلَ: لِلْأَبَدِ (وَالشُّهُورُ اثْنَا عَشَرَ عِنْدَ الْقَاضِي) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: ٣٦] ، (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ) وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ (ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ جَمْعٌ (كَالْأَشْهُرِ) فَإِنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَجْهًا وَاحِدًا، (وَالْأَيَّامُ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَإِنْ عَيَّنَ أَيَّامًا تَبِعَتْهَا اللَّيَالِي.

١ -

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَكَذَا إِذَا جَعَلَ لَهَا بَابًا آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ، أَوْ قَلَعَ الْبَابَ وَنَصَبَهُ فِي دَارٍ أُخْرَى، لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي نُصِبَ فِيهِ الْبَابُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ بَابِهَا، فَدَخَلَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَابِ لَمْ يَحْنَثْ، وَيَتَخَرَّجُ، بَلَى، إِذَا أَرَادَ بِيَمِينِهِ اجْتِنَابَ الدَّارِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ الْيَمِينَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارٍ، فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَى حِينِ الْحَصَادِ، انْتَهَتْ يَمِينُهُ بِأَوَّلِهِ) لِأَنَّ إِلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، فَتَنْتَهِي عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>