للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَعَلَى الْمَسْمُوعَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ صَمَمِهِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْمَسْمُوعَاتِ إِذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَبِالِاسْتِفَاضَةِ، وَتَجُوزُ فِي الْمَرْئِيَّاتِ الَّتِي تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الْعَمَى، إِذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا، وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ عَلَى مَا يَرَاهُ) لِأَنَّهُ فِيمَا رَآهُ كَغَيْرِهِ (وَعَلَى الْمَسْمُوعَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ صَمَمِهِ) لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَمَنْ لَيْسَ بِهِ صَمَمٌ (وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْمَسْمُوعَاتِ إِذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ) أَيِ: صوت الْمَشْهُود عَلَيْهِ.

وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ: الْقَبُولُ، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ لِلْأَعْمَى وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ كَالْبَصِيرِ، وَلِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا أَجَازَا شَهَادَةَ الْأَعْمَى، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ بِذَلِكَ، كَاسْتِمْتَاعِهِ بِزَوْجَتِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا رُؤْيَةَ لَهُ، (وَبِالِاسْتِفَاضَةِ) لِأَنَّهُ يُعْتَمَدُ الْقَوْلُ، وَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ: وَالتَّرْجَمَةُ، وَإِذَا أَقَرَّ عِنْدَ أُذُنِهِ وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ ضَبَطَهُ حَتَّى حَضَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجِزْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا تَجُوزُ عَلَى الْأَقْوَالِ كَالصَّبِيِّ، وَلِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تُشْتَبَهُ (وَتَجُوزُ فِي الْمَرْئِيَّاتِ الَّتِي تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الْعَمَى، إِذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ) لِأَنَّ الْعَمَى فَقْدُ حَاسَّةٍ لَا يَخِلُّ بِالتَّكْلِيفِ، فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ كَالصَّمَمِ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ شَهَادَةِ الْأَعْمَى فِيمَا قَدْ عَرَفَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى، فَقَالَ: جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا ظَنَّهُ نَحْوَ النَّسَبِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَصْحَابَهُ جَوَّزُوا ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ (تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَكَذَا إِنْ تَعَذَّرَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا، لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ (وَيُحْتَمَلُ) هَذَا وَجْهٌ (أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا) وَعَلَّلَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>