للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٧٩)

باب احتجاج ذوي الأرحام (١)

قال المزني:

واحتجاج الشافعي على من تأوَّل الآيةَ في ذوي الأرحام (٢)

(١٨٢٠) قال لهم الشافعي: لو كان تأويلُها كما زَعَمْتُم كُنْتُم قد خالَفْتُمُوها، قالوا: فما معناها؟ قلنا: تَوارَثَ الناسُ بالحِلْفِ والنُّصْرَةِ، ثُمّ تَوَارَثُوا بالإسلامِ والهجرةِ، ثُمّ نَسَخَ اللهُ ذلك بقولِه: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأحزاب: ٦] على ما فَرَضَ اللهُ لا مُطْلَقًا، ألا تَرَى أنّ الزوجَ يَأخُذُ أكْثَرَ ممّا يَأخُذُ ذَوُو الأرحامِ ولا رَحِمَ له؟ أوَلا تَرَى أنّكم تُعْطُون ابنَ العمِّ المالَ كُلَّه دُون الخالِ، وأعْطَيْتُم مَواليه جميعَ المالِ دُون الأخوالِ، فتَرَكْتُم الأرحامَ وأعْطَيْتُم مَنْ لا رَحِمَ له؟ (٣).


(١) كذا في ظ، وفي ز س: «باب ذوي الأرحام».
(٢) «قال المزني: … » إلى آخره من ظ س، وسقط من ز ب.
(٣) ما ذكر من منع توريث ذوي الأرحام هو مذهب الشافعي والمنقول عن زيد، ويصرف الباقي إلى مصالح المسلمين العامة إذا انتظم أمر بيت المال بأن ولي الناس إمام عادل، أما إذا لم يكن إمام، أو لم يكن مستحقًّا للإمامة .. ففي مال من لم يخلِّف ذا فرض ولا عَصَبة أو خلَّفَ ذوي فروض لا تستغرق المال وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد والمعتبرون: أصحهما عند أبي حامد وصاحب «المهذب» - أنه لا يصرف إلى ذوي الأرحام؛ لأن الحق فيه لعامة المسلمين، فلا يسقط بفقدان من ينوب عنهم، والثانى - أنه يصرف؛ لأن المال مصروف إليهم أو إلى بيت المال بالاتفاق، فإذا تعذرت إحدى الجهتين تعينت الأخرى، ولو توقفنا لعرضنا المال للفوات والآفات، وهذا ما اختاره القاضي ابن كج وأفتى به أكابر المتأخرين، قال النووي في زيادات «الروضة»: «هذا الثاني هو الأصح أو الصحيح عند محققي أصحابنا، وممن صححه وأفتى به الإمام أبو الحسن بن سراقة من كبار أصحابنا ومتقدميهم، وهو أحد أعلامهم في الفرائض والفقه وغيرهما، ثم صاحب «الحاوي» والقاضي حسين والمتولي والخَبْري - بفتح الخاء المعجمة وإسكان الباء الموحدة - وآخرون، قال ابن سراقة: وهو قول عامة مشايخنا، قال: وعليه الفتوى اليوم في الأمصار، ونقله صاحب «الحاوي» عن مذهب الشافعي -رضي الله عنه-، قال: وغلط الشيخ أبو حامد في مخالفته، قال: وإنما مذهب الشافعي منعهم إذا استقام بيت المال، والله أعلم».
قال عبدالله: والمورِّثون اختلفوا في كيفية التوريث أصنافًا، ولقَّبهم الفرضيون بثلاثة ألقاب، فقالوا: فرقة منهم تُعرَف بأهل القرابة منهم أبو حنيفة، وأبُو يوسف، ومحمد، وإنما سُمُّوا أهلَ القرابة؛ لأنهم رتَّبوا ذوي الأرحام قريبًا من ترتيب العصبات، فورّثوا الأقرب فالأقرب، والفرقة الثانية تعرف بأهل التنزيل؛ لأنهم نزّلوا كلَّ واحدٍ من ذوي الأرحام بمنزلة الوراث الذي يُدلي به، والفرقة الثالثة ذهبوا إلى التوريث بالرحم من غير ترتيب ولا تنزيلٍ، وقسموا المال بينهم بالسَّوِيّة، سواء اختلفوا في القرابة أو استوَوْا فيها، قال إمام الحرمين: «وآثارُ المورِّثين من الصحابة -رضي الله عنهم- تشهد لأهل التنزيل، وأصحاب الشافعي يميلُون إلى قول المنزِّلين؛ لأنه أقيس على الأصولِ»، وقال النووي بأنه الصحيح.
انظر: «النهاية» (٩/ ٢٠٠) و «العزيز» (١١/ ٤٣) و «الروضة» (٦/ ٦).