للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«أبتر» (١)، قالوا: إذا كان كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع فلِمَ لم يفتتح المُزَني مختصَره بالحمد؟ بل افتتحه بقوله: «اختصرت هذا من علم الشافعي … » إلى آخر ما ذكره.

والجواب عنه من أوجه أهمّها ثلاثة: أحدها - أن حمد الله تارة يكون خطًّا، وتارة يكون لفظًا، وهو أشبه الأمرين بظاهر الحديث، والمُزَني ترك حمد الله خطًّا، وقد ذكره لفظًا، حتى رُوِي أنه كان يصلي ركعتين عند تصنيف كل باب، والجواب الثاني - أن المراد بحمد الله إنما هو ذكر الله، وقد بدأ بذكر الله في قوله: «بسم الله الرحمن الرحيم»، والجواب الثالث - إن دعواكم على أبي إبراهيم أنه لم يبتدئ المختصَر بتسطير الحمد لله ممنوع، بل للمختصَر خطبة موجودة في كثير من الأصول القديمة حكاها الشيخ أبو حامد والماوردي، وهي: «الحمد لله الذي لا شريك له ولا مثل، الذي هو كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: ١١]».

ويقضي على هذا الاعتراض من أساسه أن خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز أن يكون بخلاف مخبره، وقد قال: «فهو أبتر»، وكتاب المُزَني أشهر كتاب صُنِّف، وأبدع مختصَر أُلِّف، وأكثرها فائدة وبركة (٢).

الوجه الثاني: إسناده الآيات القرآنية عن الشافعي، ثم تقديمه ذكر الأدلة على مدلولاتها أول الباب، كما قال في أول كتاب الطهارة (ف: ٢): «قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: (وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا)


(١) انظر الكلام على الحديث سَنَدًا ومتنًا في أول «الطبقات» لابن السُّبْكي.
(٢) انظر تفصيل القول حول هذا الاعتراض في كتاب «الحاوي» للماوردي (١/ ٨)، و «الطبقات» لابن السُّبْكي (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>