للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١)

باب الآنية من الجلود والذهب والفضة (١)

(٦) قال الشافعي: ويتوضَّأ في جُلودِ الميتَةِ إذا دُبِغَتْ، واحْتَجَّ بقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «أيُّما إهابٍ دُبِغَ فَقَد طَهُرَ» (٢)، قال: وكذلك جلود ما لا يُؤكَلُ لحْمُه مِنْ السباعِ إذا دُبِغَت، إلا جلدَ كلبٍ أو خنزيرٍ؛ لأنهما نَجِسَانِ وهما حَيّانِ.

(٧) قال: ولا يَطْهُر بالدباغ إلا الإهابُ وَحْدَه، ولو كان الصوف والشعر والريش لا يموتُ بموتِ ذواتِ الروحِ، أو كان يَطهُر بالدباغ .. كان ذلك في قرن الميتة وسِنِّها، وجاز في عَظْمِها (٣)؛ لأنه قبل الدِّباغِ وبَعْدَه سواءٌ (٤).


(١) قوله: «من الجلود والذهب والفضة» من ز س.
(٢) «الإهابُ»: كلّ جِلْدٍ، كان لحمُه ممَّا يُؤْكَلُ أو لا يُؤكلُ، ورُوِيَ عن ناسٍ أنَّ الإهابَ لا يكونُ إلاَّ قبلَ أن يُدْبَغَ. «الزاهر» (ص: ٩٩) و «الحلية» (ص: ٣٦).
(٣) كذا في ظ ب، وفي ز س: «وجاز ذلك في عظمها».
(٤) مقتضى هذا النص عن الشافعي نجاسة ما عدا الإهاب من شعر الميتة ووبرها وصوفها، ثم عدم طهارتها بالدباغ، وهو نقل الربيع عن الشافعي، وقد خولف في المسألتين.
أما الأولى .. فروى إبراهيم بن محمد البَلَدِيّ عن المزني عن الشافعى أنه رجع عن تنجيس شعر بني آدم، هكذا حكاه عنه الماوردي في «الحاوي» (١/ ٦٦) والقاضي الحسين في «التعليقة» (١/ ٢١٨)، وحكاه عنه إمام الحرمين في «النهاية» (١/ ٣٠) عامًّا في الشعور كلها.
ويؤيد هذه الروايةَ أن محمد بن عبدالله بن أبي جعفر قال: سمعت ابن أبي هريرة يقول: سمعت ابن سريج يقول: سمعت أبا القاسم الأنماطي يقول: إن أبا إبراهيم المزني قال: سمعت الشافعي يقول قبل وفاته بشهر: إن الشعر لا يموت بموت ذات الروح»، قال التاج السبكي في «الطبقات» (٢/ ٢٥٥): «فقد تابع الأنماطيُّ البلديَّ»، قال: «وهذه متابعة جيدة، لم أجد فى الباب مثلها».
وأما الثانية .. فذكر الماوردي عن الربيع بن سليمان الجيزي عن الشافعي: «إن الشعر تابع للجلد، ينجس بنجاسته، ويطهر بطهارته».
وبناءً على هذه الروايات قطع إمام الحرمين بجعل المسألتين على قولين، وبه اتبع الرافعي والنووي، وقالوا بأن الأظهر القول بنجاسته أصلا وتبعا، وقال الماوردي: «اختلف أصحابنا في هذه الحكايات الثلاث التي شذت عن الجمهور وخالفت المسطور، فكان بعضهم يجعلها قولا ثانيا للشافعي في الشعر أنه طاهر لا ينجس بالموت ولا يحله روح، وامتنع جمهورهم من تخريجها قولا للشافعي؛ لمخالفتها نصوص كتبه، وما تواتر به النقل الصحيح عن أصحابه».
قلت: ذكر القاضي الحسين في «التعليقة» عن البيهقي أن الشافعي قال في «الجامع» و «كتاب الديات»: «إن الشعر لا روح فيه»، ومقتضاه طهارته على موافقة الروايات السابقة، والله أعلم. وانظر «العزيز» (١/ ٣٥٧) و «الروضة» (١/ ٤٣).