بشيء من علمه} [البقرة: ٢٥٥] أي: من معلومه، ومعلوم الشافعي ما أُخِذ عنه قولًا ورسمًا»، وإلى هذا الثاني مال القاضي الحسين وقال:«ذلك أن المُزَني سمع منه المسائل ولم ينسخ ذلك، ثم صنّف من ذلك العلم الذي سمع منه»(١).
وهذا الذي قاله القاضي من أن المُزَني لم ينسخ ما سمع بعيد إن أراد الإطلاق، وظاهره أن نصوص الشافعي الواردة في «المختصَر» لا تعدو الرواية بالمعنى، وهذا يكذِّبه الواقع، فيجب تأويله على إرادة بعض مسائل «المختصَر»، ويبقى القسم الأكبر منه لا شك مبنيًّا على نصوص الشافعي في كتبه.
وقد تتبَّعت خلال عملي على الكتاب الأصول التي اعتمدها المُزَني لنصوص الشافعي في مختصَره فوجدتها على مراتب:
المرتبة الأولى: كتب الشافعي التي أخذها المُزَني عن الشافعي سماعًا، وهذا القسم هو الغالب على نُقُوله عن الشافعي، وقد عُنِيَ عناية فائقة ببيان أسماء كتب الشافعي التي نقل عنها في مختلف أبواب الكتاب، فيقول:«كتاب أو باب كذا من كتب كذا وكذا»، وهذه البيانات هي أوثق ثبت يستنبط منها أسماء كتب الشافعي، وسأتكلَّم عنها في المقدمة الثالثة من هذه الدراسات.
والمرتبة الثانية: سماعات المُزَني عن الشافعي في الدرس وتعليقاته عنه، فمن الكتب: كتاب المساقاة (ك ٢٦)، وكتاب المزارعة (ك ٢٨)، وكتاب النذور والأيمان (ك ٦٢)، وكتاب الشهادات (ك ٦٤)، وكتاب الدعوى