لم يزل المُزَنِي ملازمًا للشافعي منذ وروده مصر وحتى وفاته، ورُوِي عن المُزَنِي أنه قال: «دخلت على محمد بن إدريس الشافعي -رضي الله عنه- عند وفاته فقلت له: كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلًا، وللإخوان مفارقًا، وعلى الله وَارِدًا، وبكأس المنية شاربًا، ولسوء أعمالي ملاقيًا، فلا أدري نفسي إلى الجنة تصير فأهنِّيها، أو إلى النار فأعزِّيها، فقلت: يا أبا عبد الله، رحمك الله، عِظْنِي. فقال لي:
اتقِ الله، ومَثِّل الآخرة في قلبك، واجعل الموت نُصْبَ عَيْنَيْكَ، ولا تنسَ موقفك بين يدي الله عز وجل، وكن من الله تعالى عَلى وَجَلٍ، واجتنب محارمَه، وأدِّ فرائضه، وكن مع الحقِّ حيث كان، ولا تستصغرنَّ نعم الله عليك وإن قَلَّت، وقَابِلْها بالشكر، وليكن صمتك تفكُّرًا، وكلامك ذكرًا، ونظرك عبرة، اعفُ عمَّن ظلمك، وصِلْ من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، واصبر على النائبات، واستعذ بالله من النار بالتقوى.