المُزَنِيُّ كان أعلم أصحاب الشافعي بمذهبه، وقد نقل ابن السُّبْكِيِّ عن والده أنه قال:«لا يَعْرِف قدر الشخص في العلم إلا من ساواه في رُتْبَتِه وخالطه مع ذلك، وإنما يُعْرَف قدره بمقدار ما أوتيه هو»، قال ابن السُّبْكِيِّ:«وكان يقول لنا: لا أحد من الأصحاب يعرف قدر الشافعي كما يعرفه المُزَنِيُّ، وإنما يعرف المُزَنِيُّ من قدر الشافعي بمقدار قُوَى المُزَنِيِّ، والزائد عليها من قُوَى الشافعي لم يدركه المُزَنِيّ».
ومِمَّا أسعَفَ المُزَنِيَّ في معرفته بالشافعي جمعُه إلى فقهه فقه كُلٍّ من أبي حنيفة ومالك والليث، ثم استقراؤه مؤلَّفات الشافعي وجمعُه بين مُتَّفِقِها ومختلِفها، بحيث يظهر مِنْ تَتَبُّع مختصَره أنه عَرَفَ كل مسألة من مسائل الشافعي وموقعها من كتبه، وعَرَفَ بعد ذلك اتفاق ما بينها والاختلاف، ومما يدل عليه أن المُزَنِيَّ من رُواة الجديد، لكنه جمع إليه القديم أيضًا، وذلك دليل على عنايته بكتب الشافعي القديمة مع الجديدة.