للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحرمين: «تفريع القديم على الجديد لا يحسن في نظم المذهب» (١)، والسبب في استنكار هذا العمل أنه يقتضي القول بأن القديم مذهب للشافعي، وقد قدمنا أن الصحيح خلافه، لكن يمكن أن يوجه صنيع ابن سريج بأنه اجتهاد خاص له، أو أنه تصرف منه بغرض التدريب على طرق الاجتهاد الذي هو غاية كل متفقِّه، ويؤيد ذلك ما سبق أن ذكرناه من أن الأصحاب نظروا إلى هذه الأقوال من زاوية الاجتهاد الحر دون تقيُّد بنسبتها إلى الشافعي -رضي الله عنه-.

[السؤال الثالث: ما وجه ترجيح الأقوال القديمة والعمل بها وهي مرجوع عنها وما ماهية هذا الترجيح؟]

ذكرنا أن كل مسألة اختلف فيها قوله في القديم والجديد فالمذهب الجديد، والقديم مرجوع عنه، غير أن إمام الحرمين قال: «قال الأئمة: كل قولين أحدهما جديد، فهو أصحُّ من القديم، إلا في ثلاث مسائل» (٢)، فذكر منها: مسألة التثويب في أذان الصبح، ومسألة التباعد عن النجاسة في الماء الكثير، قال ابن الصلاح: «ولم ينصَّ على الثالثة، غير أنه لما ذكر القول بعدم استحباب قراءة السورة بعد الركعتين الأوليين - وهو القول القديم - ذكر أن عليه العمل، وفي هذا إشعار بأن عليه الفتوى»، كذا قال في «أدب المفتي والمستفتي» (ص: ٩٠)، وقال في «الفتاوى» (١/ ٢٢٥): «كنا نظن أن هذه هي الثالثة، حتى وجدته قد قال في (المختصَر المنتخَب من النهاية) أن الثالثة تأتي في كتاب زكاة التجارة»، ثم إن ابن الصلاح حكى عن بعض المتأخِّرين أنه بلغ بها أربع عشرة مسألة، وزاد عليه من عنده أربعة مسائل


(١) انظر «النهاية» (٨/ ٤١٨)، وانظر «فرائد الفوائد» للمناوي (ص: ٥٨).
(٢) انظر «النهاية» (٢/ ٥٩)، وانظر نحوه (١/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>