قال المُزَني (ف: ١): «اختصرتُ هذا من عِلْم الشافعي ومن معنى قوله»، فأشار إلى مادتين يتكوَّن منهما كتابه، هما: علم الشافعي ومعنى قوله، ولا يخفى أن قامة علمية مثل شخصية المُزَني لا يمكن لها أن تختفي في تأليفه، فلا بد من زيادة مادة ثالثة هي اجتهاد المُزَني، وسنتكلَّم على كل واحدة منها بالتفصيل على حدة.
[المادة الأولى: نصوص الشافعي]
وهي المقصودة بقوله:«علم الشافعي»، فقد اختلف أصحابنا في المراد به (١)، فقال أبو إسحاق المروزي -رحمه الله-: «أراد: من كتب الشافعي، فعبَّر بالعلم عن الكتب؛ لأنه قد يوصل بها إلى العلم، كما قيل في تأويل قوله تعالى:{هل عندكم من علم فتخرجوه لنا}[الأنعام: ٤٨] أي: من كتاب»، وقال أبو علي بن أبي هريرة: «أراد: من معلوم الشافعي، فعبَّر عنه بالعلم لأنه حادث على العلم، كما قيل في تأويل قوله عز وجل: {ولا يحيطون
(١) انظر «الحاوي» للماوردي (١/ ١٢)، و «البحر» للروياني (١/ ٢٨).