للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٩٤)

باب تحريم القتل، ومن يجب عليه القصاص، ومن لا قصاص عليه (١)

من كتاب قتل العمد (٢)

(٢٨٣٠) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: ٩٣]، وقال الله عز وجل: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} [الأنعام: ١٥١]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلّا بإحْدَى ثلاثٍ: كُفْرٍ بعد إيمانٍ، أو زِنًا بعد إحْصانٍ، أو قَتْلِ نَفْسٍ بغَيْرِ نَفْسٍ».

(٢٨٣١) قال الشافعي: فإذا تكَافأ الدَّمَانِ، مِنْ الأحْرار المسْلِمِين، أو العَبِيدِ المسْلِمِين، أو الأحْرارِ مِنْ المعاهِدِين (٣)، أو العَبِيدِ منهم .. قُتِلَ


(١) كذا في ظ ز س، وفي ب: «ومن يجب عليه القصاص ومن لا يجب»، و «القتل» من قولك: «قتلت الشيء»: إذا ذللته وغلبته، والعرب تقول: «قتلت الأرضُ جاهلَها، وقتل أرضًا عالِمُها»، ومنه: «قتلت الشيء خبرًا وعلمًا ويقينًا»: إذا غلبته وبطنته، و «القصاص» مأخوذ من القص، وهو القطع، يقال: «أَقَصَّ الحاكمُ فلانًا من قاتل وليه فاقتص منه»، ويقال للمقراض: مقص، و «قاصصت فلانًا من حقه»: إذا قطعت له من مالك مثل حقه، ووضع القصاص موضع المماثلة، وإلى هذا مال ابن فارس في اشتقاق «القصاص» فجعله من قولك: «قَصَصتُ الأثرَ وأَقْصَصْتُه»: إذا اتبعته، قال الله تعالى: (وقالت لأخته قصيه) [القصص: ١١]؛ أي: اتبعي أثره، وقال في قصة الخضر وفتاه: (فارتدا على آثارهما قصصا) [الكهف: ٦٤]، قال: «كذلك القصاص إنما هو سلوك مثل الطريقة التي فعلها الجارح، لأنه يؤتى إليه مثل ما أتاه هو»، والأول قول أبي منصور. انظر: «الزاهر» (ص: ٤٨٣) و «الحلية» (ص: ١٩٥).
(٢) قوله: «من كتاب قتل العمد» كذا في س، ولا وجود له في ظ ز ب.
(٣) «التكافؤ»: الاستواء بالإسلام والحرية، ومنه: «أخذ المكافأة في العقل» وإنما هي المساواة، و «المعاهدون»: هم أهل الذمة، و «الذمة»: يقال لها العهد، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا ذو عهد في عهده»؛ أي: لا يقتل ذو ذمة من المعاهدين في ذمته؛ أي: ما دام متمسكا بذمته، و «العهد» أيضًا: الأمان، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يسعى بذمتهم أدناهم»؛ أي: بأمانهم، فيحتمل أن يكون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا ذو عهد في عهده»؛ أي: لا يقتل رجل من المشركين أُومِن إلى وقت معلوم ما دام في عهده؛ أي: في أيام عهده وأيام أمانه التي وقتت له، والمستأمن الحربي، والمعاهد الذمي، وهما سيان، إلا أن أحدهما عهده إلى مدة، وعهد الآخر بلا مدة ما أدى الجزية. «الزاهر» (ص: ٤٧٣) و «الحلية» (ص: ١٩٥).