للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٦٨)

باب الوقت في نفي الولد، ومن ليس له أن يَنفيَه، ونفي ولد الأمة

من كتابَيْ لعانٍ جديدٍ وقديمٍ

(٢٦٠٥) قال الشافعي: وإذا عَلِمَ الزَّوْجُ بالوَلَدِ، فأمْكَنَه الحاكِمُ أو مَنْ يَلْقاه له إمْكانًا بَيِّنًا، فتَرَكَ اللِّعانَ .. لم يَكُنْ له أن يَنْفِيَه؛ كما يَكُونُ بَيْعُ الشِّقْصِ فيه الشُّفْعَةُ، فإن تَرَكَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ في تلك المدَّةِ لم تكُن له الشُّفْعَة (١)، ولو جاز أن يَعْلَمَ بالوَلَدِ فيَكُونَ له نَفْيُه حتّى يُقِرَّ به جاز بعد أن يَكُونَ الوَلَدُ شَيْخًا وهو يَخْتَلِفُ معه اخْتِلافَ وَلَدِه، ولو قال قائل: يَكُونُ له نَفْيُه ثَلاثًا إنْ كان حاضِرًا كان مَذْهَبًا، وقد مَنَعَ اللهُ مَنْ قَضَى بعَذابِه ثلاثًا، وأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذِنَ للمهاجِرِين بعد قَضاءِ نُسُكِه في مُقامِ ثلاثٍ بمَكَّة، وقال في القديم: إن لم يَشْهَدْ حَضْرَة ذلك في يَوْمٍ أو يَوْمَيْن لم يَكُنْ له نَفْيُه.

قال المزني: لو جاز في يَوْمَيْن جاز في ثلاثةٍ، وأربعةٌ في معنى ثلاثةٍ، وقد قال لمن جَعَلَ له نَفْيَه في تِسْعٍ وثلاثِين وأباه في الأربعين: ما الفَرْقُ بين الصَّمْتَيْن؟ فقَوْلُه في أوَّل البابِ (٢) أشْبَه بمَعْناه عِندي، وبالله التوفيق (٣).


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «ولم تكن له الشفعة» بالواو.
(٢) كذا في ظ س، وفي ز ب: «في أول الكتاب».
(٣) ما رجحه المزني هو الجديد الأظهر عند الأصحاب، والقديم: يمهل للنظر والتأمل ثلاثة أيام، وهو القول الذي أشار إليه بـ «لو قاله قائل كان مذهبًا»، وأما القول الذي حكاه المزني عن القديم فليس بذلك، وإنما هو تفريع على القول الجديد الذي نص عليه في أول هذا الباب بتعجيل النفي، وذلك أنه «إذا أراد تعجيل النفي ربما يصادفه الحكم في الحكم أول وهلة وربما لا يصادفه، وربما يمنعه مانع، فلا يبطل حقه عند ظهور عذره»، قاله الروياني في «البحر» (١١/ ٢٤٣)، وقال: «ولهذا جاء بلفظ التنويع، وقال: (يومًا أو يومين)، ولو أراد التقدير لما استعمل عبارة التنويع»، وقول المزني تعقيبًا عليه: «لو جاز في يومين لجاز في ثلاثة، وأربعةٌ في معنى ثلاثة» يدل على أنه توهم أن الشافعي في القديم ذهب إلى قول ثالث سوى القولين المذكورين في أول هذا الباب، وهو أنه يتقدر بيومين، وقد صرح به ابن سلمة، ولم يثبته سائر الأصحاب قولًا آخر، وحكى الشيخ أبو علي قولًا ثالثًا: أن النفي على التراخي لا يبطله إلا الاستلحاق، قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٥/ ١٣٠): «وهذا قول ضعيف، لا تفريع عليه، ولا عودَ إليه». وانظر: «العزيز» (١٥/ ٧٣٨) و «الروضة» (٨/ ٣٥٩).