للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحرمين فقال: «هكذا نقول ولا نتحاشى منه، وإنما وجه الإضافة إلى الشافعي ذكره لهما واستقصاؤه وجوه الأشباه فيهما» (١).

قلت: وبعد ذلك يبقى البحث عن الأظهر منهما، فإن ترجَّح شيء من ذلك كان الترجيح مذهبًا لمن ترجَّح عنده، ولم يكن مذهبًا للإمام الشافعي؛ لأنه لم يترجَّح عنده (٢).

الصورة الثامنة: أن يذكر القولين حكاية عن مذهب غيره (٣).

كما يفعل في «كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى» ينقل عن هذا قولًا وعن هذا قولًا آخر، ومنه كذلك قوله: «فمن أصحابنا من رأى حلق الشعر وتقليم الأظفار ومنهم من لم يره» (٤).

وهذه الصورة مثل سابقتها في أنه توقف وليس قولًا للشافعي ولا مذهبًا له، ويزيد عليه بأنه لا دلالة له في حصر الحق في المذهبين المحكيين، إلا أن يعرف ذلك من خارج، قال السمعاني: «فإن أشار إليهما بالإنكار .. كان الحق عنده في غيرهما، وإن أشار إليهما بالجواز .. جاز أن يكون الحق عنده فيهما وفي غيرهما، وإن أشار إليهما بالاختيار .. كان الحق عنده فيهما» (٥).

وهذا لأن مجرد الحكاية لا توجب أن يكون المروي قولًا للراوي؛ لأن الحاكي يخبر عن معتقد غيره، فلم يجز أن يضاف حكايته إليه أنه يعتقده، وهذا كمن حكى الكفر لا يصير كافرًا، ومن نقل الخلاف لا يكون


(١) انظر «التلخيص» لإمام الحرمين (٣/ ٤٢١).
(٢) انظر «القواطع» للسمعاني (٥/ ٦٨).
(٣) وهو القسم الثاني في «نصرة القولين» لابن القاص (ص: ١٠٩)، والقسم الثاني عشر في «القواطع» للسمعاني (٥/ ٧٧)، والقسم الثالث في «حقيقة القولين» للغزالي (ص: ٢٨٢).
(٤) انظر «المختصَر» (الفقرة: ٤٧٠).
(٥) انظر «القواطع» للسمعاني (٥/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>