للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجنائز وغيرهما» (١)، وقد قال الروياني في بعض ذلك: «ومن أصحابنا من يغيِّر نسخة (المختصَر)، فيقدم ما أخَّر المُزَني ويؤخِّر ما قدَّمه لتكون المسائل على الترتيب، والصواب أن يترك تصنيف المُزَني على ما أملاه وصنَّفه» (٢).

ومن أمثلته باب دخول مكة (ب ١٠٣)، قال إمام الحرمين: «لم يرعَ ترتيب مسائل الحج كما ينبغي، بل أتى بها إتيانًا يُشعر بقصد التشويش» (٣).

الوجه السادس: الاختصار المخلّ والإلغاز، ومن أمثلته قول المُزَني (ف: ٢٢٧٣): «ولو قالتْ له: «اخْلَعْنِي على ألْفٍ» .. كانتْ له الألْفُ ما لم يَتَناكَرا»، فعلَّق عليه إمام الحرمين فقال: «هذه لفظة مبهمةٌ يُلغَز بأمثالها، وما كان من حق المُزَني أن يودعها كذلك في السواد؛ فإن التصانيف إن بُنيت على البسط، اتسع فيها الكلام تكريرًا وتقريرًا وتحريرًا، وإن بُنيت على الإيجاز اعتمد الموجِز أقصر لفظةٍ عن المعنى المطلوب، وجعلها ناصَّةً عليه من غير قصور ولا ازدياد، وهو الكلام البليغ، فأمَّا التعبير عن المعاني المشكلة بالمجملات فغير ذلك أجمل بالمُزَني» (٤).

وقال المُزَني (ف: ١٢٩٠): «وجملةُ قولِه في اخْتِلافِ الراهِنِ والمرتهنِ أنَّ القولَ قولُ الراهنِ في الحقِّ، والقولُ قولُ المرتهنِ في الرهنِ، فيما يُشْبِهُ ولا يُشْبِهُ، ويُحَلَّفُ كلُّ واحدٍ منهما على دَعْوَى صاحبِه»، فقال إمام الحرمين: «أراد المُزَني أن يضبط الصور التي يُصَدَّقُ فيها الراهن، والمسائل التي يُصَدَّقُ فيها المرتهن، فأتى بقول مبهمٍ لا يفهم، وأجرى كلامًا ظاهره


(١) انظر «المناقب» للبَيْهَقي (٢/ ٣٤٨).
(٢) انظر «البحر» (٥/ ٢٢٥)، وانظر أمثلة هذا النوع من الانتقاد «المختصَر» (الفقرتين: ٥٣٩ و ١٢٣٦).
(٣) انظر «النهاية» (٤/ ٣٠٦).
(٤) انظر «النهاية» (١٣/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>