للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١١٦)

باب ما أمر الله تعالى به ونهى عنه من المبايعات، وسنن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها (١)

(٩٩٦) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} [النساء: ٢٩] (٢)، فلمّا نَهَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن بُيُوعٍ تَراضَى بها المُتبايِعان .. اسْتَدْلَلْنا أنّ الله تعالى أحَلَّ البيوعَ إلّا ما حَرَّم على لسانِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم- أو كان في مَعْناه.

(٩٩٧) فإذا عَقَدا بَيْعًا بما يَجُوزُ وافْتَرَقا عن تَراضٍ منهما به .. لم يَكُنْ لأحَدٍ منهما رَدُّه، إلّا بعَيْبٍ، أو بشَرْطِ خِيارٍ (٣).


(١) الترجمة من هامش س.
(٢) «الأموال»: جمع مال، وسمي مالًا؛ لأنه يميل إليه الناس بالقلوب، و «الباطل»: كل ما نهى الله ورسوله عنه من القمار وغير ذلك، ثم قال: (إلا أن تكون تجارة)، وقال بعض أهل العلم: هذا استثناء منقطع؛ كأنه قال: لكن تجارة عن تراضٍ منكم، قال: وذلك أنه لا يجوز استثناء التجارة من الذي يؤكل بالباطل، والعرب قد تأتي بما لفظه الاستثناء، ولا يكون الثاني من الأول. «الحلية» (ص: ١٢٥).
(٣) «الخيار»: أن يكون لكل واحد منهما الاختيار في فسخ البيع وإمضائه، وشرط الخيار: أن يشترط أحد المتبايعين خيار ثلاثة أيام أو أقل على ما وردت به السنة، وهذا غير الخيار الذي جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- للمتبايعين ما لم يتفرقا؛ لأن هذا خيار يجب لهما ما لم يتفرقا وإن لم يشترطاه، والأول خيار مشترط، يكون للذي اشترطه منهما بعد تفرق الأبدان مدة محصورة بالسنة، وإنما بينت وجوه الخيار لئلا يلتبس على المتفقه، ووجهٌ من الخيار ثالث جاء في السنة المأثورة، وهو أن يعقد المتبايعان بيعًا صحيحًا ثم يخير أحدهما صاحبه قبل افتراقهما، فيقول له: «اختر إنفاذ البيع أو رده»، فإن لم يختر رده بعد هذا التخيير فقد وجب البيع وإن لم يتفرقا. «الزاهر» (ص: ٢٨٧) و «الحلية» (ص: ١٢٤).