للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١١٨)

باب الرِّبا وما لا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا ولا مؤجَّلًا والصرف (١)

(١٠١٠) قال الشافعي: أخبرنا عبدُالوهاب بنُ عبدِالمجيد الثقفيُّ، عن أيُّوبَ، عن محمد بنِ سيرين، عن مسلمِ بنِ يَسارٍ ورجلٍ آخَرَ (٢)، عن عُبادَةَ بنِ الصّامِتِ، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تَبِيعُوا الذهبَ بالذهبِ، ولا الوَرِقَ بالوَرِقِ، ولا البُرَّ بالبرِّ، ولا الشّعيرَ بالشّعيرِ، ولا التّمْرَ بالتّمْرِ، ولا المِلْحَ بالمِلْحِ، إلّا سَواءً بسَواءٍ، عَيْنًا بعَيْنٍ، يَدًا بيَدٍ، ولكن بِيعُوا الذّهبَ بالوَرِقِ والوَرِقَ بالذّهَبِ، والبُرَّ بالشّعيرِ والشّعيرَ بالبُرِّ، والتّمْرَ بالمِلْحِ والمِلْحَ بالتّمْرِ، يَدًا بيَدٍ، كَيْف شِئتُم»، وقال: ونَقَصَ أحَدُهما: التَّمْرَ أو المِلْحَ، وزاد الآخَرُ: «فمَنْ زاد أو ازْداد فقد أَرْبَى» (٣).


(١) كلمة «بيع» من ز س، وسقط من ز قوله: «ولا مؤجلًا»، و «الربا» من الزيادة، يقال: «رَبَا الشيءُ يربو»، وهو على وجهين: أحدهما حلال، والآخر حرام، فأما الحلال .. فأن يهب الرجل لصاحبه هبة على ثواب يطلب أكثر مما أعطى، فهذا جائز وإن كان مذمومًا، قال الله: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) [الروم: ٣٩]، وأما الربا الآخر .. فالذي نهى الله عنه، وهو الذي فسره النبي -عليه السلام-. «الحلية» (ص: ١٢٥).
(٢) قال البيهقي في «المعرفة» (٨/ ٣٤): «الرجل الآخر يقال: هو عبدالله بن عبيد، قاله سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، عنهما».
(٣) معنى قوله: «إلا سواء بسواء»؛ أي: لا يجوز إلا مستويًا بمستوٍ، لا فضل في أحدهما على الآخر، قال الله عز وجل: (لَيْسُوا سَوَاءً) [آل عمران: ١١٣]؛ أي: ليسوا مستوين، وكذلك قوله تعالى: (سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) [فصلت: ١٠]؛ أي: مستويًا، وهذا مصدر وُضِع موضع الفاعل فاستوى الجميع والواحد والذكر والأنثى فيه، ويكون السواء أيضًا بمعنى العدل والنصفه، قال الله عز وجل: (تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران: ٦٤]؛ أي: كلمة عدل لا جور فيها، وبمعنى الوسط، قال الله عز وجل: (فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ) [الصافات: ٥٥]؛ أي: في وسطها.
وقوله: «عينًا بعين»؛ أي: حاضرًا بحاضر، وقوله: «يدًا بيد»؛ أي: يعطي بيد ويأخذ بالأخرى، قال الفراء: «العرب تقول: (باع فلان غنمه باليدين)، يريدون: سلمها بيد وأخذ ثمنها بيد، ويقال: (ابتعت الغنم باليدين)؛ أي: بثمنين مختلفين».
وقوله: «من زاد أو ازداد فقد أربى» يقول: من زاد صاحبه على ما أخذ، أو ازداد لنفسه على ما دفع .. فقد أربى؛ أي: دخل في الربا المنهي عنه، وتقول للرجل إذا أعطيته شيئًا: «هل تزداد؟»؛ أي: هل تطلب الزيادة على ما أعطيتك؟ «الزاهر» (٢٩٤).