للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم يزل الجدُّ والإخلاص يعلوان بالقفال حتى صار مهوى أفئدة المتعلمين ومعول «طريقة الخراسانيين»، وقد يسمى بـ «طريقة المراوزة» نظرًا لكثرة المراوزة فيهم (١)، فكان من أصحابه: أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن مسعود بن أحمد بن محمد بن مسعود المسعودي المروزي، تُوفِّي سنة نَيِّف وعشرين وأربعمائة بمرو، وشرح مختصَر المُزَني، ومنهم: أبو محمد الجُوَيْني والد إمام الحرمين (ت ٤٣٨ هـ)، ومنهم: القاضي الحسين بن محمد بن أحمد، أبو علي المروزي (ت ٤٦٢ هـ)، ومنهم: الفوراني أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران (ت ٤٦١ هـ)، ومنهم: أبو بكر محمد بن داود بن محمد المروزي، المعروف بالصيدلاني نسبة إلى بيع العطر، وبالداودي أيضًا نسبة إلى أبيه داود، ولا يعرف تاريخ وفاته.

[الطرق داخل طريقي العراقيين والخراسانيين]

قد يتوهَّم المتفقِّه من كثرة ترداد الطريقين العراقية والخراسانية على الأسماع أنهما طريقان لا ثالث لهما، وهذا غير وارد، فالطرق لا محالة أكثر من اثنتين، وإنما حصرت في العراقية والخراسانية باعتبار المدرسة والسند الفقهي، وإلا فإن جميع أصحاب الوجوه مجتهدون، وكلهم قد يتميَّزون في حكاية المذهب بتحريرات من كَدِّ أذهانهم، وأذكر هنا مثالين:


(١) هكذا قال ابن الملقن في «العقد المذهب» (ص: ٢١٦)، وتوهَّم الأستاذ عبدالعظيم الديب في مقدمة تحقيق «النهاية» (ص: ١٣٤) أن ذلك راجع إلى كبر مدينة مرو ذاتها، ثم انتقد كلام ابن الملقن بإيراد أمثلة مدن خراسانية أكبر من مرو، لكن كثرة المراوزة في الخراسانيين أمر ثابت بغضِّ النظر عن كبر المدينة، بل إن المراوزة كثيرون حتى في العراقيين من أصحابنا، فلا مجال لانتقاد الأستاذ، وإنما نبهت إليه لعظم قدره، ثم لانتشار بحوثه دون نقد بين الناشئة، وقد أتى في بحثه عن الطريقين بمغالطات كثيرة سأنبِّه إلى بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>