للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويفيد القارئ تقرير قيمة الرجوع إلى الحق إذا اتضح للعالم والمتفقِّه.

السؤال الثاني: لماذا عُنِي الشافعية بتوجيه الأقوال القديمة والتفريع عليها عنايتهم بأقواله الجديدة؟

لقد ذكرنا مرارًا أن القديم في حكم المرجوع عنه، فهو في ذاته قول ضعيف، فالظاهر عدم الاشتغال بتوجيهه والتفريع عليه، وقد أشار إلى هذا المعنى إمام الحرمين فقال: «إن القولَ القديم ليس معدودًا من المذهب؛ فإن الشافعي -رحمه الله- لما نصَّ عليه في الجديد على جزم رجع عمَّا صار إليه في القديم، ولكن أئمة المذهب يعتادون توجيه الأقوال القديمة على أقصى الإمكان، ثم يفرعون عليه» (١).

ولمَّا ذكر الغزالي في «الوجيز» مسألة طلاق المريض اكتفى بذكر القول الجديد الصحيح أنه يقطع الميراث كطلاق الصحيح، وقال: «فلا معنى لتطويل التفريع على القول الضعيف»، لكن الرافعي في «شرحه» (١٤/ ٦٨٣) تعقَّبه وقال: «أعرض عن التفريع على القديم وقال: (لا معنى لتطويل التفريع على القول الضعيف)، ولو سلكنا هذا المسلك في مسائل القولين والوجهين لانحطت عنَّا مُؤَن كبيرة وفاتنا لطائف كثيرة، فنفرع على القديم كما هو دأب الفقيه ونقول: … ».

فأشار إلى أن هذا دأب الفقهاء توجيه القديم والتفريع عليه، بل تطويل التفريع، بل أحيانًا يفرعون القديم على الجديد كما نقل ذلك عن ابن سريج في مسألة اقتداء القارئ بالأمي أنه صحيح سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية، إلا أن ذلك أنكر عليه وعدوه غير مستحسن في الفقه، قال إمام


(١) انظر «النهاية» (٢/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>