للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢١٣)

[باب إتيان النساء في أدبارهن]

من «أحكام القرآن» ومن «جماع عِشْرة النساء» (١)

(٢١٢٩) قال الشافعي: ذَهَبَ بَعْضُ أصْحابِنا في إتْيانِ النِّساءِ في أدْبارِهِنّ إلى إحْلالِه، وآخَرُونَ إلى تَحْرِيمِهِ، ورُوِيَ عن جابر بن عبدالله مِنْ حديثٍ ثابتٍ أنّ اليهودَ كانتْ تَقُولُ: مَنْ أتَى امْرَأتَه في قُبُلِها مِنْ دُبُرِها جاء وَلَدُه أحْوَلَ؛ فأنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} [البقرة: ٢٢٣]، ورُوِيَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ رَجُلًا سَألَه عن ذلك، فقال: «في أيّ الخُرْبَتَينِ أو: في أي الخُرْزَتَينِ، أو: في أي الخُصْفَتَينِ (٢)؟ أمِن دُبُرِها في قُبُلِها، فنَعَمْ، أمِنْ دُبُرِها في دُبُرِها، فَلا، إنّ اللهَ لا يَسْتَحِي مِنْ الحقِّ، لا تَأتُوا النِّساءَ في أدْبَارِهِنَّ»، قال: فلَسْتُ أرَخِّصُ فيه، بل أنْهَى عنه، فأمّا التَّلَذُّذُ بغيرِ إيلاجٍ بين الألْيَتَيْنِ فلا بأسَ (٣).

(٢١٣٠) وإن أصابَها في الدُّبُرِ لم يُحَصِّنْها، ويَنْهاه الإمامُ، فإنْ عاد عَزَّرَه، وإنْ كان في زِنًا حَدَّه، وإنْ كان غاصِبًا أغْرَمَه المهْرَ، وأفْسَدَ حَجَّه.


(١) في ز: «ومن عشرة النساء».
(٢) «الخُرْبَة»: مثل: الثُّقْبة وزنًا ومعنًى، وأصله: عروة المزادة، شبه الثقب بها، وأما «الخُرْزَة»: فهو الثُّقب الذي يثقبه الخراز بسِرَادِه ليَخْرِزَه، كنى به عن المأتى، و «السِّراد»: الْمِخْصَف، وأما «الخُصْفة» من قولك: «خصفت الجلد على الجلد»: إذا خرزته عليه مُطارَقًا. «الزاهر» (ص: ٤١٨).
(٣) قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٢/ ٣٩٢): «إتيان النساء في أدبارهن محرم عند الشافعي وأكثر العلماء، وقال صاحب «التقريب»: من الناس من يضيف إلى الشافعي قولًا في القديم أنه لم يقطع بتحريم إتيان النساء في أدبارهن وتوقف فيه، وقال: (ليس عندي دلالة في تحريمه). وقال محمد بن عبدالحكم: (قال الشافعي: في تحريم ذلك حديث غير صحيح، والقياس عندي: أنه حلال)، وحَكَى ذلك عن الربيع، فقال: (كذب والله الذي لا إله إلا هو). ولقد نص على تحريمه في ستة مواضع من كتبه».